من غير تاء/، ثم أَدخلوا عليها التاء لتأكيد الجمع، فما جاء على «فُعول» من غير تاءٍ فهو الأصلُ نحو: عُموم وفُحول، وما جاءَ فيه التاءُ فهو الذي يَحْتاج إلَى تأويِلِه بالجمعِ، لم يُبْنَ على هذه التاءِ حتى يُدَّعى حَذْفُها، وهذا بخلاف «قُضاة» وبابِه بُني عليها فيمكنُ ادِّعاءُ الحَذْفِ فيه، وأما «أُبُوّة» و «بُنُوّة» فليسا جَمْعَيْن بل مصدَرَيْن وأمَّا «أُبُوّ» في البيت فهو شاذ عند النحاةِ من جهةِ أنه كان مِنْ حَقِّه أَنْ يُعِلَّه فيقول: «أُبِيّ» بقلبِ الواوين ياءين نحو: عُصِيّ.
ويُقال: غُزَّاء بالمدِّ أيضاً وهو شاذٌّ، وتَحَصَّل في «غازٍ» ثلاثةُ جموعٍ في التكسير: غُزاة كقُضاة، وغُزَّى كصُوَّم، وغُزَّاء كصُوّام، وجمعٌ رابع جمعُ سلامة، والجملةُ كلها في محل نصب بالقول.
قوله:{لِيَجْعَلَ الله} في هذه اللام قولان، أحدهما: أنها لام «كي» والثاني: أنها لام العاقبة والصيرورة، وعلى القول الأول فبِمَ تتعلَّق هذه اللام؟ وفيه وجهان، فقيل: التقدير: أَوْقَعَ ذلك أي القول أو المُعْتَقَد ليجعلَه حسرةً، أو نَدَمُهم، كذا قَدَّره أبو البقاء، وأجاز الزمخشري: أن تتعلَّقَ بجملة النهي، وذلك على معنيين باعتبارِ ما يرُاد باسمِ الإِشارة على ما سيأتي بيانُه في كلامِه: أمَّا الاعتبارُ الأول فإنه قال: «يعني: لا تكونوا مثلَهم في النطق بذلك القول واعتقادِه ليجعله اللهُ حسرةً في قلوبِهم خاصة، ويصونَ منها قلوبَكم» فجعل «ذلك» إشارةً إلى القولِ والاعتقادِ. وأمَّا الاعتبارُ الثاني فإنه قال:«ويجوزُ أَنْ يكونَ» ذلك «إشارةً إلى ما دَلَّ عليه النهيُ أي: لا تكونوا مثلَهم ليجعلَ اللهُ انتفاءَ كونكم مثلَهم حسرةً في قلوبهم، لأنَّ مخالَفَتهم فيما يقولون، ويعتقدون مِمَّا يَغُمُّهُمْ ويَغيظهم» .