ونظيرُ ذلك تعليقُ أفعالِ القلوب عن المفعولين الصريحين لتقديرِ لامِ الابتداء في قولِه:
١٤٩٧ - كذاك أُدِّبْتُ حتى صار مِنْ خُلُقي ... إني رأيتُ مِلاكُ الشيمةِ الأَدَبُ
فلولا تقديرُ اللامِ لوجَبَ نصبُ «مِلاك» و «الأدب» ، وكذلك في الآية، لولا تقديرُ اللامِ لوجَبَ فتحُ «إنما» ، ويجوزُ أَنْ يكون المفعولُ الأولُ قد حُذِف وهو ضميرُ الأمرِ والشأنِ، وقد قيل بذلك في البيت وهو الأحسن فيه، والأصلُ: ولا يحسَبَنَّه أي: الأمرَ، و «إنما نُمْلِي» في موضع المفعول الثاني وفي المفسِّرة للضمير.
وإن كان الثاني كان «الذين» مفعولاً أول، و «إنما نملي» في موضع الثاني.
وأما قراءته التي حكاها عنه الزمخشري فقد خَرَّجها هو فقال:«على معنى: ولا يَحْسَبَنَّ الذين كفروا أنَّ إملاءَنا لازدياد الإِثم كما يفعلون، وإنما هو ليتوبوا ويَدْخلوا في الإِيمان، وقوله {إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ} اعتراضٌ بين الفعلِ ومعمولِه، معناه: أنَّ إملاءَنا خيرٌ لأنفسِهم إنْ عَمِلوا فيه وَعَرَفوا إنعام الله عليهم بتفسيح المُدَّة وتَرْكِ المعاجَلَة بالعقوبة» انتهى. فعلى هذا يكون «الذين» فاعلاً، و «أنما» المفتوحة سادةٌ مَسَدَّ المفعولين أو أحدِهما على الخلاف، واعتُرِض بهذه الجملة بين الفعل ومعموله. قال النحاس:«وقراءةُ يحيى بن وثاب بكسر إنَّ» حسنةٌ، كما تقول:«حسبت عمراً أبو هـ خارجٌ» .