وأمَّا ما حكاه الزجاج قراءةً عن خلق كثير وهو نَصْبُ «خيراً» على الظاهر من كلامه فقد ذكر هو تخريجَها على أنَّ {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْراً لأَنْفُسِهِمْ} بدلٌ من «الذين» و «خيراً» مفعولٌ ثانٍ. ولا بُدَّ من إيرادِ نَصِّه ليظهرَ لك، قال رحمه الله:«مَنْ قَرَأَ» ولا تَحْسَبَنَّ «بالتاء لم يجز عن البصريين إلا كسرُ» إنَّ «والمعنى: لا تَحْسَبَنَّ الذين كفروا إملاؤنا خيرٌ لهم، ودخلت» إنَّ «مؤكدةً، فإذا فَتَحْتَ صار المعنى: ولا تَحْسَبَنَّ الذين كفروا إملاءنا خيراً لهم قال:» وهو عندي يجوزُ في هذا الموضعِ على البدلِ من «الذين» المعنى: ولا تَحْسَبَنَّ إملاءَنا للذين كفروا خيراً لهم، وقد قرأَ بها خَلْقٌ كثير، ومثلُ هذه القراءةِ من الشعر:
١٤٩٨ - فما كانَ قَيْسٌ هُلْكُه هلكَ واحدٍ ... ولكنه بنيانُ قومٍ تَهَدَّما
جَعَل «هُلْكُه» بدلاً من «قيس» المعنى: فما كان هُلْكُ قيسٍ هُلْكَ واحد يعني: «فهُلْك» الأول بدلٌ من المرفوع، فبقي «هُلْكَ واحدٍ» منصوباً خبراً ل «كان» ، كذلك {أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ} : «أن» واسمُها وهو «ما» الموصولةُ وصلتُها والخبرُ وهو «لهم» في محل نصبٍ بدلاً من الذين كفروا، فبقي «خيراً» منصوباً على أنه مفعولٌ ثانٍ ل «تحسبن» .
إلاَّ أنَّ الفارسي قد رَدَّ هذا على أبي إسحاق بأنَّ هذه القراءةَ لم يَقرأ بها أحدٌ أعني نصبَ «خيراً» قال أبو عليّ الفارسي: «لا يَصِحُّ البدلُ