قوله:{هَنِيئاً مَّرِيئاً} في نصبِ» هنيئاً «أربعةُ أقوال: أحدُها: أنه منصوبٌ على أنه صفةٌ لمصدرٍ محذوف، تقديره: أكلاً هنيئاً. الثاني: أنه منصوبٌ على الحالِ من الهاء في» فكلوه «أي: مُهَنَّأً أي: سهلاً. الثالث: أنه منصوب على الحال بفعل لا يجوز إظهارُه البتة، لأنه قَصَدَ بهذه الحال النيابةَ عن فعلها نحو:» أقائماً وقد قعد الناس «، كما ينوب المصدرُ عن فعلِه نحو:» سُقْياً له ورَعْياً «. الرابع: أنهما صفتان قامتا مقامَ المصدرِ المقصودِ به الدعاءُ النائبِ عن فعله. قال الزمخشري:» وقد يُوقف على «فكلوه» ويُبْتدأ «هنيئاً مريئاً» على الدعاء، وعلى أنهما صفتان أقيمتا مقام المصدرين كأنه قيل: هَنْئاً مَرْءاً «.
قال الشيخ: «وهذا تحريفٌ لكلام النحاة، وتحريفُه هو جَعْلُهما أٌقيما مُقام المصدر، فانتصابُهما انتصابَ المصدر، ولذلك قال:» كأنه قيل: هَنْئاً مَرْءاً، فصار كقولك «سُقْياً لك» و «رَعْياً لك» ، ويَدُلُّ على تحريفِه وصحةِ قولِ النحاة أنَّ المصادر المقصودَ بها الدعاء لا ترفع الظاهر، لا تقول:«سقياً الله لك» ولا: «رعياً الله لك» وإن كان ذلك جائزاً في أفعالها، و «هنيئاً مريئاً» يرفعان الظاهرَ بدليل قوله:
ف «ما» مرفوعٌ ب «هنيئاً» أو ب «مريئاً» على الإِعمال، وجاز ذلك وإنْ لم يكن بين العاملين ربطٌ بعطفٍ ولا غيرِه، لأنَّ «مريئاً» لا يُسْتعمل إلا تابعاً ل «هنيئاً» فكأنهما عاملٌ واحد، ولو قلت:«قام قعد زيد» لم يكن من الإِعمال إلا على نِيَّة حرف العطف «. انتهى.