إلاَّ أن في عبارة سيبويه ما يُرْشِدُ لِما قاله الزمخشري، فإنه قال:» هنيئاً مريئاً: صفتان نصبُهما نصبُ المصادرِ المدعُوِّ بها بالفعلِ غيرِ المستعملِ إظهارُه المختَزَلِ لدلالةِ الكلام عليه، كأنهم قالوا: ثَبَت ذلك هنيئاً مريئاً «، فأولُ العبارةِ يساعدُ الزمخشري، وآخرُها وهو تقديرُه بقولِه:» كأنهم قالوا: ثَبَتَ ذلك هنيئاً «يُعَكِّر عليه. فعلى القولين الأوَّلَيْن يكونُ» هنيئاً مريئاً «متعلقَيْنِ بالجملةِ قبلَهما لفظاً ومعنى، وعلى الآخِرَيْن مقتطعين لفظاً، لأنَّ عاملَهما مقدرٌ من جملةٍ أخرى كما تقدَّم تقريره.
واختلف النحويون في قولِك لِمَن قال:» أصاب فلان خيراً هنيئاً له ذلك «هل» ذلك «مرفوعٌ بالفعلِ/ المقدَّرِ تقديرُه: ثبت له ذلك هنيئاً فحَذف» ثبت «وقام» هنيئاً «الذي هو حالٌ مَقامه، أو مرفوعٌ ب» هنيئاً «نفسِه، لأنه لمَّا ق مقامَ الفعلِ رَفَع ما كان الفعلُ يرفعه، كما أنَّ قولَك:» زيدٌ في الدار «» في الدار «ضميرٌ كان مستتراً في الاستقرار، فلمَّا حُذِف الاستقرار وقامَ الجار مَقامَه رفعَ الضمير الذي كان فيه. ذهب إلى الأول السيرافي، وجعل في» هنيئاً «ضميراً عائداً على» ذلك «، وذهب إلى الثاني أبو علي، وجعل» هنيئاً «فارغاً من الضمير لرفعه الاسمَ الظاهرَ. وإذا قلت:» هنيئاً «ولم تقل» ذلك «، فعلى مذهب السيرافي يكون في» هنيئاً «ضميرٌ عائد على ذي الحال، وهو ضميرُ الفاعلِ الذي استتر في» ثَبَتَ «المحذوفِ، وعلى مذهب الفارسي يكون في» هنيئاً «ضميرٌ فاعل بها، وهو الضميرُ الذي كان فاعلاً ل» ثَبَتَ «، ويكونُ» هنيئاً «قد قام مقام الفعلِ المحذوفِ فارغاً من الضمير.
وأمَّا نصبُ «مريئاً» فيه خمسةُ أوجهٍ، أحدها: أنه صفة ل «هنيئاً» ، وإليه ذهب الحوفي. والثاني: أنه انتصب انتصاب «هنيئاً» ، وقد تقدَّم ما فيه من