مِنكُمْ فَآذُوهُمَا} [النساء: ١٦] والآيتان من وادٍ واحد، ولا بدَّ من إيراد نصَّه ليتَّضحَ لك قولُه، قال رحمه الله:«واللذانِ يأتيانِها» الاختيارُ عند سيبويه في «اللذان» الرفع، وإنْ كان معنى الكلامِ الأمرَ، لأنه لمَّا وَصَلَ بالفعلِ تمكَّن معنى الشرط فيه إذ لا يقع على شيءٍ بعينه، فلمَّا تمكَّن معنى الشرط والإِبهام جرى مَجْرى الشرطِ في كونه لم يَعْمل فيه ما قبله كما لا يعمل في الشرط ما قبله من مضمرٍ أو مظهر «. ثم قال:» والنصبُ جائزٌ على إضمارِ فعل لأنه إنما أشبه الشرطَ، وليس الشبيهُ بالشيء كالشيءِ في حكمه «. انتهى. وليس لقائل أن يقولَ: مرادُه النصبُ بإضمار فعل النصب لا على الاشتغال، بل بفعلٍ مدلولٍ عليه، كما تقدم نَقْلُه عن بعضِهم، لأنه لم يكن لتعليله بقوله:» لأنه إنما أشبه الشرط إلى آخره «فائدةٌ إذ النصبُ كذلك لا يَحْتاج إلى هذا الاعتذار.
وقوله:{مِن نِّسَآئِكُمْ} في محلِّ نصبٍ على الحال من الفاعل من» يِأْتِين «، فيتعلَّقُ بمحذوفٍ أي: يأتين كائناتٍ من نسائكم. وأما قوله» منكم «ففيه وجهان، أحدُهما: أن يتعلقَ بقوله:» فاستشهدوا «. والثاني: أن يتعلَّق بمحذوفٍ على أنه صفة ل» أربعة «، فيكون في محل نصبٍ تقديرُه: فاستشهدوا عليهنَّ أربعة كائنة منكم.
قوله» حتى «،» حتى «بمعنى إلى، فالفعل بعدها منصوب بإضمار» أن «وهي متعلقة بقوله:» فأمسكوهن «غاية له. وقوله:» أو يجعلَ «فيه وجهان، أحدهما: أن تكون» أو «عاطفة فيكون الجَعْلُ غاية لإِمساكهن أيضاً، فينتصبُ» يجعلَ «بالعطف على» يتوفَّاهن «. والثاني: أن تكون» أو «بمعنى» إلا «كالتي في قولهم» لألزَمَنَّك أو تقضيَني حقي «على أحدِ المعنيين، والفعلُ بعدها