السادس: أنه بيانٌ لأعدائِكم، وما بينهما اعتراض أيضاً وقد عُرِف ما فيه.
السابع: أنه متعلِّقٌ ب «نصيراً» ، وهذه المادةُ تتعدَّى ب «من» . قال تعالى:
{وَنَصَرْنَاهُ مِنَ القوم}[الأنبياء: ٧٧]{فَمَن يَنصُرُنَا مِن بَأْسِ الله}[غافر: ٢٩] على أحدِ تأويلين: إمَّا على تضمينِ النصرِ معنى المنع أي: منعناه من القوم، وكذلك: وكفى بالله مانعاً بنصرِه من الذين هادوا، وإمَّا على جَعْلِ «مِنْ» بِمعنى «على» والأولُ مذهبُ البصريين. فإذا جعلنا «من الذين» بياناً لِما قبله فبِمَ يتعلَّق؟؟ والظاهرُ أنه يتعلق بمحذوف، ويَدُلُّ على ذلك أنهم قالوا في «سُقيْاً لك» : إنَّ «لك» متعلق بمحذوف لأنه بيانٌ.
وقال أبو البقاء:«وقيل: هو حالٌ من» أعدائكم «أي: واللهُ أعلمُ بأعدائِكم كائنين من الذين هادوا، والفصلُ بينهما مُسَدِّد فلم يمنعْ من الحال» . فقوله هذا يُعْطي أنه بيانٌ لأعدائكم مع إعرابِه له حالاً فيتعلَّق بمحذوف، لكن لا على ذلك الحذفِ المقصودِ في البيان.
وقد ظهر مِمَّا تقدَّم أنَّ «يُحَرِّفون» : إمَّا لا محلَّ له، أو له محلُّ رفعٍ أو نصبٍ على حَسْبِ ما تقدم. وقرأ أبو رجاء والنخعي:«الكلام» وقرىء «الكِلْم» بكسر الكاف وسكون اللام جمع «كِلْمة» مخففة من كَلِمة، ومعانيهما متقاربةٌ.
و {عَن مَّوَاضِعِهِ} متعلِّقٌ ب «يُحَرِّفون» ، وذكَّر الضمير في «مواضعه» حَمْلاً على «الكَلِم» لأنها جنسٌ.