على «ماذا» وما قيل فيها فَلْيلتفت إليه. وقوله:«لهم» بلفظ الغيبة لتقدُّم ضمير الغَيْبة في قوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ}[البقرة: ٢١٥] ، ولو قيل في الكلام:«ماذا أُحِلَّ لنا» لكانَ جائزاً على حكاية الجملة كقولك: «أقسم زيدٌ ليضربن ولأضربن» بلفظِ الغَيْبة والتكلمِ، إلاَّ أنَّ ضميرَ المتكلم يقتضي حكايةَ ما قالوا، كما أنَّ «لأضربنَّ» يقتضي حكايةَ الجملةِ المُقْسَمِ عليها، و «ماذا أحِلَّ» هذا الاستفهامُ مُعلِّقٌ للسؤال وإن لم يكن السؤال من أفعال القلوب، إلا أنَّه كان سبب العلمِ، والعلمُ يُعَلَّق، فكذلك سبُبه، وقد تقدَّم تحريرُ القول فيه في البقرة. وقال الزمخشري هنا:«في السؤالِ معنى القولِ، فلذلك وقعَ بعدَه» ماذا أُحِلَّ لهم «، كأنه قيل: يقولون ماذا أحل لهم؟ ولا حاجةَ إلى تضمين السؤال معنى القول لما تقدَّم من أنَّ السؤالَ يُعَلَّق بالاستفهام كمسببه. وقال ابن الخطيب:» لو كان حكاية لكلامِهم لكانوا قد قالوا: ماذا أحل لهم، ومعلومٌ أنَّ ذلك باطل لا يقولونه، وإنما يقولون: ماذا أحِلَّ لنا، بل الصحيح أنه ليس حكايةً لكلامهم بعبارتهم، بل هو بيانُ كيفية الواقعة «.
قوله:{وَمَا عَلَّمْتُمْ} في» ما «هذه ثلاثة أوجه، أحدها: أنها موصولةٌ بمعنى الذي، العائدُ محذوف أي: ما عَلَّمْتموه، ومحلها الرفع عطفاً على مرفوعِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه أي وأُحِلَّ لكم صيدٌ أو أخذُ ما عَلَّمتم، فلا بد من حذف هذا المضاف. والثاني: أنها شرطية فمحلُّها رفع بالابتداء، والجوابُ قولُه:» فكُلوا «قال الشيخ:» وهذا أظهرُ لأنه لا إضمار فيه «والثالث: أنها موصولة أيضاً ومحلُّها الرفعُ بالابتداء، والخبر قوله:» فكُلوا، وإنما دخَلَتِ الفاء تشبيهاً للموصول باسم الشرط.