واستدلَّ بعضُهم بقولِه عليه السلام:» «يتعاقبون فيكم ملائكة» ويعبِّر النحاة عن هذه اللغةِ بلغةِ «أكلوني البراغيث» ولكنَّ الأفصحَ ألاَّ تلحقَ الفعلَ علامةٌ، وفَرَّق النحويون بين لَحاقِه علامةَ التأنيث وعلامةَ التثنية والجمع بأنَّ علامةَ التأنيث ألزمُ؛ لأن التأنيث في ذاتِ الفاعل بخلاف التثنيةِ والجمعِ فإنه غيرُ لازمٍ.
الوجه الثاني: أنَّ الواوَ ضميرٌ عائدٌ على المذكورين العائدِ عليهم واو «حسبوا» و «كثير» بدلٌ من هذا الضمير، كقولك:«إخوتك قاموا كبيرُهم وصغيرُهم» ونحوه.
الوجه الثالث: أن الواو ضمير أيضاً، و «كثيرٌ» بدلٌ منه، والفرقُ بين هذا الوجه والذي قبله أن الضمير في الوجهِ الأولِ مفسَّر بما قبلَه وهم بنو إسرائيل، وأمَّا في هذا الوجه فهو مفسَّر بما بعده، وهذا أحدُ المواضع التي يُفَسَّر فيها الضميرُ بما بعده، وهو أن يُبْدَلَ منه ما يفسِّرهُ، وهي مسألةُ خلاف وقد تقدم تحريرها. الوجه الرابع: أن الضميرَ عائدٌ على مَنْ تقدَّم، و «كثير» خبر مبتدأ محذوف، وقَدَّره مكي تقديرين، أحدهما: قال: «تقديرُه العُمْيُ والصُّمُّ كثير منهم» والثاني: العَمَى والصَّمَمُ كثيرٌ منهم، ودلَّ على ذلك قوله:{ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ} فعلى تقديره الأول: يكون «كثير» صادقاً عليهم و «منهم» صفة ل «كثير» ، وعلى التقدير الثاني يكون «كثير» صادقاً على العَمَى