للمفعول الذي لم يُسَمَّ فاعلُه وهي متعدِّيةٌ ثلاثية، فإذا بُنيت للفاعلِ صارَتْ قاصرة فإذا أَرَدْتَ بناءَها للفاعلِ متعديةً أَدْخَلْتَ همزة النقل، وهي نوع غريب في الأفعال» انتهى. فقوله:«كما لا يُقال عَمَيْتُه ولا صَمَمْتُه» يقتضي أن الثلاثي منها لا يتعدَّى، والزمخشري قد قال على تقدير:«عَماهُم الله وصَمَّهم» فاستعمل ثلاثِيَّةُ متعدياً، فإن كان ما قاله الشيخ صحيحاً فينبغي أن يكونَ كلام أبي القاسم فاسداً أو بالعكس.
وقرأ ابن أبي عبلة «كثيراً» نصباً على أنه نعت لمصدر محذوف، وتقدم غيرَ مرة أنه عند سيبويه حالٌ. وقال مكي:«ولو نَصَبْتَ» كثيراً «في الكلام لجازَ أن تجعلَه نعتاً لمصدر محذوف، أي: عمًى وصمماً كثيراً» قلت: كأنه لم يطَّلِعْ عليها قراءةً، أو لم تَصِحَّ عنده لشذوذها.
وقوله:{فَعَمُواْ} عطفَه بالفاء وقوله: {ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ} عطفه ب «ثم» ، وهو معنى حسن، وذلك أنهم عَقِيبَ الحسبانِ حَصَل لهم العَمَى والصَّمَمُ مِنْ غير تراخٍ، وأسند الفعلين إليهم، بخلافِ قولِه:{فَأَصَمَّهُمْ وأعمى أَبْصَارَهُمْ}[محمد: ٢٣] لأنَّ هذا فيمن لم يَسْبِقْ له هدايةٌ، وأسند الفعل الحسنَ لنفسِه في قوله:{ثُمَّ تَابَ الله عَلَيْهِمْ} وعطف قوله: {ثُمَّ عَمُواْ} بحرفِ التراخي دلالةً على أنهم تمادَوا في الضلالِ إلى وقت التوبة.