ب «مِنْ» الاستغراقية، لأن محلَّه رفعٌ كما تقدم، والتقدير: وما إلهٌ في الوجودِ إلا إلهٌ متصفٌ بالواحدانية. قال الزمخشري:«من» في قوله: «مِنْ إله» للاستغراقِ، وهي المقدرةُ مع «لا» التي لنفي الجنس في قولك: «لا إلهَ إلا اللَّهُ» والمعنى، وما من إله قط في الوجود إلا إلهٌ متصفٌ بالوحدانية وهو الله تعالى «. فقد تحصَّل مِنْ هذا أن» مِنْ إله «وخبرُه محذوفٌ، و» إلا إلهٌ «بدلٌ على المحل. قال مكي:» ويجوزُ في الكلام النصبُ: «إلا إلهاً» على الاستثناء «قال أبو البقاء ولو» قُرئ بالجرِّ بدلاً من لفظ «إله» لكان جائزاً في العربية «قتل: ليس كما قال، لأنه يلزمُ زيادةُ» مِنْ «في الواجب، لأن النفيَ انتقضَ ب» إلاَّ «لو قلت:» ما قامَ إلا من رجلٍ «لم يَجُزْ فكذا هذا، وإنما يجوزُ ذلك على رأي الكوفيين والأخفشِ، فإنَّ الكوفيين يشترطون تنكيرَ مجرورها فقط، والأخفشُ لا يشترط شيئاً.
قال مكي: «واختار الكسائي الخفضَ على البدل من لفظ» إله «وهو بعيدٌ لأنَّ» مِنْ «لا تُزَاد في الواجب» . قلت: ولو ذهبَ ذاهبٌ إلى أنَّ قوله «إلا إلهٌ» خبر المبتدأ، وتكونُ المسألة من الاستثناءِ المفرغِ، كأنه قيل: ما إلهٌ إلا إلهٌ متصفٌ بالواحدِ لَمَا ظهر له منعٌ، لكني لم أرَهم قالوه. وفيه مجالٌ للنظر.
قوله:{لَيَمَسَّنَّ} جوابُ قسمٍ محذوفٍ، وجوابُ الشرطِ محذوفٌ لدلالةِ هذا عليه، والتقديرُ: واللَّهِ إنْ لم ينتهوا ليمسَّنَّ، وجاء هذا على القاعدةِ التي قَرَّرْتُها: وهو أنه إذا اجتمعَ شرطٌ وقسمٌ أُجيب سابقُهما ما لم يسبقْهما ذو خبر، وقد يجابُ الشرطُ مطلقاً، وقد تقدَّم أيضاً أن فعلَ الشرطِ حينئذ لا يكون