إلا ماضياً لفظاً، أو معنًى لا لفظاً كهذه الآية، فإنْ قيل: السابقُ هنا الشرطُ، اذ القسمُ مقدرٌ فيكون تقديرُه متأخراً فالجوابُ أنه لو قُصِد تأخُّرُ القسمِ في التقدير لأُجيبَ الشرط، فلمَّا أُجيب القسمُ عُلِم أنه مقدَّرُ التقديمِ، وعَبَّر بعضُهم عن هذا فقال:«لام التوطئِة للقسمِ قد تُحْذَفُ ويُراعى حكمُها كهذه الآيةِ، إذ التقدير:» ولئن لم «كما صَرَّح بهذا في غير موضع كقوله: {لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ المنافقون}[الأحزاب: ٦٠] ، ونظيرُ هذه الآية قوله:{وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ}[الأعراف: ٢٣]{وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ}[الأنعام: ١٢١] ، وتقدَّم أنَّ هذا النوع من جواب القسم يَجِبُ أن يُتَلَقَّى باللامِ وإحدى النونين عند البصريين، إلاَّ ما قَدَّمْت لك استثناءَه» قال الزمخشري: «فإنْ قلت: فهلاَّ قيل: لَيَمسُّهُم عذاب. قلت في إقامة الظاهرُ مقامَ المضمرِ فائدةٌ، وهي تكريرُ الشهادة عليهم بالكفر» .
وقوله:{مِنْهُمْ} في محلِّ نصبٍ على الحال. قال أبو البقاء:«إمَّا من الذين، وإمَّا من ضميرِ الفاعل في» كفروا «قلت: لم يتغير الحكمُ في المعنى، لأنَّ الضميرَ الفاعل هو نفسُ الموصول، وإنما الخلاف لفظي. وقال الزمشخري:» مِنْ «في قوله: {لَيَمَسَّنَّ الذين كَفَرُواْ مِنْهُمْ} للبيانِ كالتي في قوله: {فاجتنبوا الرجس مِنَ الأوثان}[الحج: ٣٠] قلت: فعلى هذا يتعلقُ» منهم «بمحذوفٍ، فإنْ قلت: هو على جَعْلِه حالاً متعلقٌ أيضاً بمحذوفٌ. قلت: الفرقُ بينهما أنَّ جَعْلَه حالاً يتعلَّقُ بمحذوفٍ، ذلك المحذوفُ هو الحالُ في