قاله أبو البقاء وقال ابن عطية والزمخشري وأبو البقاء:«إنها تكونُ معنى شَرَعَ ووضع. أي: ما شَرَع اللهُ ولا أمره» وقال الواحدي - بعد كلامٍ طويل - «فمعنى ما جعل اللهُ مِنْ بَحيرةٍ: ما أوجبَها ولا أمر بها» وقال ابن عطية: «وجَعَلَ في هذه الآيةِ لا تكون بمعنى» خلق «لأنَّ الله خَلَق هذه الأشياء كلها، ولا بمعنى» صَيَّر «لأن التصيير لا بد له من مفعول ثان، فمعناه: ما سَنَّ الله ولا شَرَع. ومنع الشيخ هذه النقولاتِ كلِّها بأنَّ» جَعَل «لم يَعُدَّ اللغويون من معانيها شرع، وخَرَّج الآية على التصيير، ويكونُ المفعولُ الثاني محذوفاً أي: ما صَيَّر الله بحيرةً مشروعةً.
والبَحيرة: فَعِلية بمعنى مَفْعولة، فدخولُ تاءِ التأنيث عليها/ لا ينقاس، ولكن لَمَّا جَرَتْ مَجْرى الأسماءِ الجوامدِ أُنِّثت، وهذا قد أوضَحْتُه في قولِه {والنطيحة}[المائدة: ٣] . واشتقاقُها من البَحْر، والبَحْر: السَّعَةُ، ومنه» بَحْرُ الماءِ «لسَعَتِه. واختلف أهلُ اللغة في البَحِيرة عند العرب ما هي؟ اختلافاً كثيراً. فقال أبو عبيد:» هي الناقةُ التي تُنْتِج خمسةَ أبطنٍ في آخرها ذَكَرٌ فتُشَقُّ أذنُها وتُتْرَكُ فلا تُرْكَبُ ولا تُحْلَبُ ولا تُطْرَدُ عن مَرْعَى ولا ماءٍ، وإذا لَقِيها المُعْيي لم يركبها. وروي ذلك عن ابن عباس، إلا أنه لم يذكر في آخرها ذكَرا وقال بعضهم: «إذا أنتجت الناقة خمسة أبطن نُظر في الخامس: فإن كان ذكرا ذبحوه وأكلوه، وإن كان أنثى شَقُّوا أذنها وتركوها تَرْعى وتَرِدُ ولا تُرِكَبُ