ولا تُحلب فهذه هي البحيرة» ورُوِي هذا عن قتادة. وقال بعضهم:«البحيرة: الأنثى التي تكون خامسَ بطنٍ كما تقدَّم بيانُه، إلا أنها لا يَحِلُّ للنساء لحمها ولا لبنها، فإنْ ماتت حَلَّت لهن» وقال بعضهم: «البحيرة: بنت السائبة» وسأتي تفسير السائبة، فإذا وَلدت السائبة أنثى شقوا أذنها وتركوها مع امها ترعى وتَرِدُ ولا تكرب حتى للمُعْيّي، وهذا قولُ مجاهد بن جبر. وقال بعضُهم:«هي التي مُنِع دَرُّها - أي لَبَنُها - لأجل الطواغيت، فلا يَحْلِبُها أحدٌ. وقال بهذا سعيد بن المسيب. وقيل: هي التي تُتْرَكُ في المَرْعى بلا راعٍ، قاله أبنُ سيده وقيل: إذا وَلَدَتْ خمسَ إناث شَقُّوا أذنَها وتركوها. وقال بعضُهم - ويُعْزَى لمسروق -:» إنها إذا وُلِدت خمساً أو سبعاً شَقُّوا أذنَها «وقيل: هي الناقةُ تَلِدُ عشرةَ أبطن فَتُشَقُّ أذنُها طولاً بنصفين، وتُتْرَكُ فلا تُرْكَبُ ولا تُحْلَبُ ولا تُطْرَدُ عن مرعى ولا ماء، وإذا ماتَتْ حَلَّ لحمُها للرجال دون النساء» ، نقله ابن عطية، وكذا قاله أبو القاسم الراغب.
وقيل: البحيرة السِّقْبُ إذا وُلِد نحروا أذنه، وقالوا: اللهم إن عاش فَقَنِيّ وإن مات فَذَكيّ، فإذا مات أكلوه. ووجه الجمع بين هذه الأقوالِ الكثيرةَ أنَّ العربَ كانت تختلف أفعالُها في البحيرة.
والسائبة قيل: كان الرجلُ إذا قَدِم من سفر أو شكر نعمة سَيِّبَ بعيراً فلم يُرْكَبْ ويفعل به ما تقدم في البحيرة، وهذا قول أبي عبيد. وقيل: هي