إمَّا مجموعُ قوله:«اثنان ذوا عدل إلى آخره» على القولِ الأول، وإمَّا «أو آخران من غيركم» فقط على القولِ الثاني.
والفاء في «فأصابتكم» عاطفةٌ هذه الجملةَ على نفس الشرط، وقوله تعالى:{تَحْبِسُونَهُمَا} فيه وجهان: أحدُهما: أنها في محلِّ رفع صفةَ ل «آخران» وعلى هذا فالجملةُ الشرطيةُ وما عُطِفَ عليها معترضةٌ بين الصفةِ وموصوفِها، فإنَّ قوله «تَحْبسونهما» صفةٌ لقوله «آخران» وإلى هذا ذهب الفارسي ومكي بن أبي طالب والحوفي وأبو البقاء وابن عطية وقد أوضح الفارسي ذلك بعبارةٍ خاصةٍ فقال: «تحبسونهما صفةُ ل» آخران «واعترض بقوله: {إِنْ أَنتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأرض} وأفاد الاعتراضُ أنَّ العُدولَ إلى آخرين من غير المِلَّة أو القرابة حَسَبَ اختلاف العلماء فيه إنما يكون مع ضرورة السفر وحلول الموت فيه، واستغنى عن جواب» إنْ «لِما تقدَّم في قولِه» آخران من غيركم «قلت: فقد ظهر من كلامه أن يجعلُ الشرطَ قيداً في» آخران من غيركم «فقط لا قيداً في أصل الشهادة، فتقديرُ الجوابِ على رأيه كما تقدم:» فاستشهدوا آخَرَين من غيركم «أو» فالشاهدان آخران من غيركم «.
والثاني: أنه لا محلَّ له لاستئنافِه، وإليه ذهب الزمخشري قال: «فإنْ قلت: ما موقعُ قولِه: {تَحْبِسُونَهُمَا} ؟ قلت: هو استئناف كلام، كأنه قيل: بعد اشتراطِ العدالة فيهما: فكيف نعمل إنْ ارتَبْنا فيهما؟ فقيل: تَحْبِسونهما» . وهذا الذي ذكرَه أبو القاسم أوفقُ للصناعة؛ لأنه يلزمُ في الأولِ الفصلُ بكلام