وقوله:{أو} الظاهرُ أنها للتخيير، وهو واضحٌ على القول بأن معنى «من غيركم» . من غير أقاربكم من المسلمين، يعني الموصي مخيِّرٌ بين أَنْ يُشْهِد اثنين من أقاربه أو من الأجانبِ المسلمين، وقيل:«أو» للترتيب أي: لا يُعْدَلُ عن شاهدَيْن منكم إلا عند فَقْدِهما، وهذا لايجيء إلا إذا قلنا «من غيركم» : من غير أهل مِلَّتكم.
قوله:{إِنْ أَنتُمْ}«أنتم» مرفوعٌ محذوفٍ يفسِّره ما بعده وهي مسألة الاشتغال، والتقديرُ: إنْ ضَرَبْتُم، فلمَّا حُذِفَ الفعلُ انفصلَ الضميرُ، وهذا مذهبُ جمهور البصريين، وذهب الأخفشُ منهم والكوفيون إلى جواز وقوعِ المبتدأ بعد «إنْ» الشرطية كما أجازوه بعد «إذا» أيضاً، ف «ضربتم» لا محلَّ له عند الجمهور لكونه مفسِّراً، ومحلُّه الرفعُ عند الكوفيين والأخفش لكونه خبراً، ونحوُه:{وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ المشركين استجارك}[التوبة: ٦] ، {إِذَا الشمس كُوِّرَتْ}[التكوير: ١] . وجوابُ الشرطِ محذوفٌ يدل عليه قوله تعالى:{اثنان ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ} ولكنَّ تقديرَ هذا الجوابِ يتوقف على خلافٍ في هذا الشرط: هل هو قيدٌ في أصلِ الشهادة أو قيدٌ في «آخران مِنْ غيركم» فقط؟ بمعنى أنه لا يجوزُ العدولُ في الشهادة على الوصية إلى أهلِ الذمةِ إلا بشرطِ الضربِ في الأرض وهو السفر. فإن قيل: هو شرطٌ في أصلِ الشهادةِ فتقديرُ الجوابِ: إنْ ضَرَبْتُم في الأرضِ فليشهد اثنانِ منكم أو مِنْ غيركم، وإنْ كان شَرَطاً في العدول إلى آخَرَين من غير الملَّة فالتقدير: فأشْهِدُوا آخَرَيْن من غيركم، أو فالشاهد آخران من غيركم، فقد ظهر انَّ الدالَّ على جواب الشرط: