للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحال، وهذان الشاهدان من غير أهل الدين والولاية وأَمْرِ الأَوْلَيَيْنِ على هذه الجماعة، فبُنِي الفعلُ للمفعولِ على هذا المعنى إيجازاً، ويُقَوِّي هذا الفرضَ تعدِّي الفعلِ ب» على «لَمَّا كان باقتدارٍ وحَمْلٍ هَيَّأَتْه الحالُ، ولا يُقال: استحَقَّ منه أو فيه إلا في الاستحقاقِ الحقيقي على وجههِ، وأمَّا» استحَقَّ عليه «فبالحملِ والغلَبِة والاستحقاقِ المستعارِ» انتهى، فقد أسند «استحق» إلى الأوْليان «من غيرِ تقديرِ مضافٍ متأوِّلاً له بما ذَكَر، واحتملتُ طولَ عبارتِه لتتَّضحَ.

واعلم أنَّ مرفوعَ» استُحِقَّ «في الأوجهِ المتقدِّمة - أعني غير هذا الوجهِ وهو إسنادُه إلى» الأَوْلَيان «- ضميرٌ يعودُ على ما تقدَّم لفظاً أوسياقاً، واختلفت عباراتُهم، فيه، فقال الفارسي والحوفي وأبو البقاء والزمخشري: أنه ضميرُ الإِثم، والإِثمُ قد تقدَّم في قوله: {استحقآ إِثْماً} وقال الفارسي والحوفي ايضاً:» استحق هو الإِيصاءُ أو الوصيةُ «قالت: إضمارُ الوصية مُشْكِلٌ؛ لأنه إذا أُسْنِد الفعلُ إلى ضميرِ المؤنثِ مطلقاً وَجَبَتِ التاءُ إلا في ضرورة، ويونس لا يَخُصُّه بها، ولا جائز أَنْ يقال أَضْمرا لفظَ الوصية لأنَّ ذلك حُذِفَ، والفاعلُ عندهما لا يُحْذَفُ. وقال النحاس مستحسناً لإِضمارِ الإِيصاء:» وهذا أحسنُ ما قيل فيه؛ لأنه لم يُجْعل حرفٌ بدلاً من حرفٍ «يعني أنه لا يقولُ إنَّ» على «بمعنى» في «، ولا بمعنى» مِنْ «كما قيل بهما، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.

وقد جَمَع الزمخشري غالبَ ما قُلْتُه وحَكَيْتُه من الإِعرابِ والمعنى بأوجزِ عبارةٍ فقال: «ف» آخران «أي: فشاهدان آخَران يَقُومان مقامَهما من الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>