مكي:«تقديرُه: استُحِقَ عليهم إثمُ الأَوْلَيَيْن» وكذا أبو البقاء وقد سبَقَهما إلى هذا التقديرِ ابنُ جرير الطبري وقَدَّره الزمخشري فقال: «مِن الذين استُحِقَّ عليهم انتداب الأَوْلَيَيْن منهم للشهادةِ لاطِّلاعِهم على حقيقةِ الحال» ، ومِمَّن ذهبَ إلى ارتفاع «الأَوْلَيَيْنِ» ب «استُحِقَّ» أبو علي الفارسي ثم منَعه، قال:«لأنَّ المُسْتَحَقَّ إنما يكون الوصية أو شيئاً منها، وأمَّا الأَوْلَيان بالميتِ فلا يجوزُ أَنْ يُسْتَحَقَّا فيُسْنَدَ استُحِقَّ إليهما» قلت: إنما منع أبو عليّ ذلك على ظاهرِ اللفظِ فإنَّ الأَوْلَيَيْنِ لم يستحقَهما أحدٌ كما ذكر، ولكنْ يجوزُ أَنْ يُسْنَدَ «استُحِقَّ» إليهما بتأويلِ حذفِ المضافِ المتقدم.
وهذا الذي منعه الفارسي ظاهراً هو الذي حَمَل الناسَ على إضمار ذلك المضافِ، وتقديرُه الزمخشري ب «انتداب الأوليين» أحسنُ من تقدير غيرِه، فإنَ المعنى يُساعِدُه، وأمَّا إضمارُ «الإِثم» فلا يَظْهر أصلاً إلا بتأويل بعيدٍ.
وأجازَ ابن عطية أن يرتفعَ «الأَوْلَيان» ب «استُحِقَّ» أيضاً، ولكنْ ظاهرُ عبارتِه أنه لم يُقَدِّر مضافاً فإنه استشعر باستشكالِ الفارسي المتقدم فاحتالَ في الجوابِ عنه وهذا نَصُّه، قال ما ملخصُه: إنه «حُمِل» استُحِقَّ «هنا على الاستعارة فإنه ليس استحقاقاً حقيقةً لقوله: {استحقآ إِثْماً} وإنما معناه أنَهم غَلَبوا على المالِ بحكمِ انفرادِ هذا الميت وعدمِه لقرابته أو أهلِ دينهِ فَجَعَل تسوُّرَهم عليه استحقاقاً مجازاً، والمعنى: من الجماعة التي غابت وكان مِنْ حَقِّها أَنْ تُحْضِرَ وليِّها، فلمَّا غابَتْ وانفرد هذا الموصي استحقَت هذه