قال ابن الأنباري:«لا يجوزُ لأحد أن يتَوَهَّم على الحواريين أنهم شَكُّوا في قدرة الله تعالى» وبهذا يَظْهَرُ أنَّ قول الزمخشري أنهم ليسا مؤمنين ليس بجيدٍ وكأنه خارقٌ للإِجماع. قال ابن عطية:«ولا خلاف أحفظُه أنهم كانوا مؤمنين» . وأمَّا القراءةُ الأولى فلا تَدُلُّ له لأن الناس أجابوا عن ذلك باجوبةٍ منها: أنَّ معناه: هل يَسْهُل عليك أن تسأل ربَّك، كقولِك لآخر: هل تستطيع أن تقومَ؟ وأنت تعلم استطاعته لذلك. ومنها: أنهم سألوه سؤالَ مستخبرٍ: هل يُنَزَّل أم لا، فإن كان يُنَزِّلُ فاسأله لنا.
ومنها: أن المعنى هل يفعلُ ذلك وهل يقع منه إجابةٌ لذلك؟ ومنه ما قيل لعبد الله بن زيد: هل تستطيعُ أن تُرَيَني كيف كان رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يتوضأ؟ أي هل تُحِبُّ ذلك؟ وقيل: المعنى: هل يطلب ربُّك الطاعة من نزول المائدة؟ قال أبو شامة:«مثلُ ذلك في الإِشكال ما رواه الهيثم - وإن كان ضعيفاً - عن ثابت عن أنس» أنّ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عادَ أبا طالب في مرض فقال: يا بنَ أخي ادعُ ربَّك الذي تعبده فيعافيَني. قال: اللهم اشفِ عمي، فقام أبو طالب كأنما نَشِط من عِقال. فقال: يابنَ أخي إنّ ربك الذي تعبدُ لَيطيعُك. قال: وأنت يا عَمَّاه لو أَطَعْتَه، أو: لئن أطعتَ اللهَ ليطيعَنَّك اي: لَيجيبَنَّك إلى مقصودك «. قلت: والذي حَسَّن ذلك المقابلةُ منه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للفظِ عَمِّه كقوله: {وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ الله}[آل عمران: ٥٤] وقيل: التقدير: هل يُطيع؟ فالسينُ زائدة كقولهم: استجاب وأجاب، قال:
١٨٤ - ٤- وداعٍ دعا يا مَنْ يُجيب إلى النَّدى ... فلم يَسْتِجَبْه عند ذاك مُجيبُ