الرابع: أن القائم مَقامَه «عنه» والضمير في «عنه» يعود على «مَنْ» و «يومئذ» منصوب على الظرف، والعامل فيه «يُصْرَفْ» ولا يجوز الوجهان الأخيران، أعني نصبَه على الحال؛ لأنَّ الضميرَ للجُثَّة، والزمانُ لا يقع حالاً عنهما كما لا يقع خبراً، وأعني كونَه معمولاً للعذاب، إذ ليس هو قائماً مقام الفاعل.
والثاني من وجهي «مَنْ» : أنها في محل نصب بفعل مضمر يفسره الظاهر بعده، وهذا إذا جعلنا «عنه» في محل نصب بأَنْ يُجْعَلَ القائم مقام الفاعل: إمَّا ضميرَ العذاب وإمَّا «يومئذ» والتقدير: مَنْ يكرم اللَّهُ أو من يُنَجِّ يُصْرف عنه العذابُ أو هولُ يومئذ، ونظيره:«زيدٌ مُرَّ به مرورٌ حسن» ، أقمت المصدر فبقي «عنه» منصوب المحل، والتقدير: جاوزت زيداً مُرَّ به مرورٌ حسن. وأمَّا إذا جُعل «عنه» قائماً مقام الفاعل تعيَّن رَفْعُه بالابتداء.
واعلم أنه متى قلت: منصوب على الاشتغال فإنما يُقَدَّر بعد «مَنْ» لأنَّ لها صدر الكلام، ولذلك لم أُظْهِره إلا مؤخراً، ولهذه العلَّةِ منه بعضهم الاشتغالَ فيما له صدر الكلام كالاستفهام والشرط. والتنوين في «يومئذ» عوض عن جملة محذوفة تضمَّنها الكلام السابق، التقدير: يوم إذ يكون الجزاء، وإنما قلت كذلك لأنه لم يتقدَّم في الكلام جملةٌ مُصَرَّحٌ بها يكون التنوين عوضاً منها، وقد تقدَّم خلاف الأخفش.
وهذه الجملة الشرطية يجوز فيها وجهان: الاستئناف والوصف ل «عذاب يوم» ، فحيث جعلنا فيها ضميراً يعود على عذاب يوم إمَّا مِنْ «يُصْرف» وإمَّا مِنْ «عنه» جاز أن تكونَ صفةً وهو الظاهر، وأن تكونَ مستأنفةً، وحيث لم نجعلْ فيها ضميراً يعود عليه - وقد عرفت كيفية ذلك - تَعَيَّن أن تكون مستأنفة، ولا يجوز أن تكون صفةً لخلوِّها من الضمير.
وقد تكلَّم الناس في ترجيح إحدى هاتين القراءتين على الأخرى، وذلك