على عادتهم، فقال أبو علي الفارسي:«قراءة» يَصْرِفْ «يعني المبنيَّ للفاعل أحسن لمناسبة قوله» رحمه «. يعني أن كلاً منهما مبني للفاعل ولم يقل» فقط رُحِمَ «. واختارها أبو حاتم وأبو عبيد، ورجَّح بعضهم قراءة المبني للمفعول بإجماعهم على قراءة قوله:{ليس مصروفاً عنهم} يعني في كونه أتى بصيغة اسم المفعول المسند إلى ضمير العذاب المذكور أولاً. ورجَّحها محمد بن جرير بأنها أقلُّ إضماراً ومكي - رحمه الله - تلعثهم في كلامه في ترجيحه لقراءة الأخوين وأتى بأمثلةٍ فاسدةٍ في كتاب» الهداية «له، قاله ابن عطية. وقد قدَّمْتُ أول الكتاب عن العلماء ثعلب وغيره أن ذلك - أعني ترجيحَ إحدى القراءات المتواترة على الأخرى بحيث تُضَعَّفُ الأخرى - ولا يجوز. والجملة من قوله:{يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ} في محل جزم على جواب الشرط، والفاء واجبة.
قوله:{وَذَلِكَ الفوز} مبتدأ وخبر جيء بهذه الجملة مقرِّره لما تقدَّم من مضمون الجملةِ قبلها، والإِشارة ب» ذلك «إلى المصدر المفهوم من قوله» يُصْرف «أي ذلك الصرف. و» المبين «يحتمل أن يكون متعدِّياً فيكون المفعول محذوفاً أي: المبين غيرَه، وأن يكون قاصراً بمعنى يبين، وقد تقدَّم أن» أبان «يكون قاصراً بمعنى ظهر، ومتعدياً بمعنى أظهر.