وقال مكي:» قد «هنا وشبهه تأتي لتأكيد الشيء وإيجابه وتصديقه. و» نعلم «بمعنى عَلِمْنا، وقد تقدَّم الكلام في هذا الحرف وأنها متردِّدةٌ بين الحرفيةِ والاسميةِ. وقال الشيخ هنا:» قد حرف توقع، إذا دخلت على مستقبلِ الزمان كان التوقُّعُ من المتكلم كقولك:«قد ينزل المطرُ شهرَ كذا» ، وإذا كان ماضياً أو فعل حال بمعنى المضيِّ كان التوقُّع عند السامع، وأمَّا المتكلمُ فهو موجِبُ ما أخبر به، وعَبَّر هنا بالمضارع إذا المرادُ الاتِّصافُ بالعلم واستمراره، ولم يَلْحَظْ فيه الزمانَ كقولهم:«هو يعطي ويمنع» .
و {إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ} سادٌّ مَسَدَّ المفعولين فإنها معلِّقة عن العمل، وكُسِرت لدخول اللام في خبرها. وتقدَّم الكلامُ في «لَيَحْزُنك» وأنه قرئ بفتح الياء وضمِّها من حَزَنه وأَحْزنه في آل عمران. «والذي يقولون» فاعلٌ وعائده محذوف، أي: الذي يقولونه مِنْ نسبتهم إلى ما لا يليق به، والضمير في «إنه» ضمير الشأن والحديث، والجملة بعده خبر مفسِّرةً له، ولا يجوزُ في هذا المضارعِ أن يُقَدَّر باسم فاعلٍ رافعٍ لفاعلٍ كما يُقَدَّرُ في قولك:«إنَّ زيداً يقوم أبوه» لئلا يلزمَ تفسير ضمير الشأن بمفرد، وقد تقدَّم أنَّه ممنوعٌ عند البصريين.
قوله:{لاَ يُكَذِّبُونَكَ} قرأ نافع والكسائي: {لا يَكْذِبُونك} مخففاً من أَكْذَبَ، والباقون مثقَّلاً مِنْ كذَّب، وهي قراءة علي وابن عباس. واختلف الناس في ذلك، فقيل: هما بمعنى واحد مثل: أَكْثَر وكثَّر ونَزَّل وأنزل،