المجاز كما قاله الفارسي: أنه لمَّا استعمل» بين «مع الشيئين المتلابسين في نحو:» بيني وبينك شركَةٌ، وبيني وبينك رحم وصداقة «صارت لاستعمالها في هذه المواضع بمعنى الوصلة، وعلى خلاف الفرقة، فلهذا جاء لقد تقطَّع وصلكم» . وإذا تقرَّر هذا فالقول بكونه مجازاً أولى من القول بكونه مشتركاً، لأنه متى تعارض الاشتراك والمجاز فالمجاز خير منه عند الجمهور.
وقال أبو علي أيضاً:«ويدل على أن هذا المرفوع هو الذي استُعمل ظرفاً أنه لا يخلو من أن يكون الذي هو ظرف اتُّسِع فيه، أو يكون الذي هو مصدر، فلا يجوز أن يكونَ هذا القسمَ لأن التقدير يصير: لقد تقطع افتراقكم، وهذا خلاف القصد والمعنى، ألا ترى أن المراد: وصلكم وما كنتم تتألفون عليه. فإن قلت: كيف جاز أن يكون بمعنى الوصل وأصله الافتراق والتباين؟ قيل: إنه لما استعمل مع الشيئين المتلابسين في نحو:» بيني وبينك شركة «، فذكر ما قدَّمْتُه عنه من وجه المجاز إلى آخره.
وأجاز أبو عبيد والزجاج وجماعة قراءة الرفع. قال أبو عبيد:» وكذلك نقرؤها بالرفع لأنَّا قد وَجَدْنا العرب تجعل «بين» اسماً من غير ما، ويُصَدِّق ذلك قولُه تعالى:{بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا}[الكهف: ٦١] فجعل «بين» اسماً من غير ما، وكذلك قوله:
{هذا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ}[الكهف: ٧٨] قال: «وقد سمعناه في غير موضع من أشعارها» ثم ذكر ما ذَكَرْتُه عن أبي عمرو بن العلاء، ثم قال:«وقرأها الكسائي نصباً، وكان يعتبرها بحرف عبد الله» لقد تقطع ما بينكم «. وقال