للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فالكاف والميم في المعنى فاعلون وإن كان في اللفظ خفضاً بالإِضافة، ومثلُ هذا قولُ الشاعر:

٢٠٥٨ - وما هي إلا في إزارٍ وعِلْقَةٍ ... مُغَارَ ابنِ هَمَّامٍ على حَيّ خَثْعما

وهذا يَدُلُّ على حَذْفِ المضاف، المعنى: وما هي إلا إزارٌ وعِلْقة وقت إغارة ابن همام، ولذلك عدَّاه بعلى، ولو كان مكاناً لَمَا عدَّاه فثبت أنه اسم مصدر لا مكان فهو كقولك: «آتيك خفوقَ النجم ومقدَمَ الحاج» ثم قال: «وإنما حَسُن ذلك في المصادر لمطابقتها الزمان، ألا ترى أنه مُتَقَضٍّ غيرُ باقٍ كما أن الزمان كذلك» وذكر كلاماً كثيراً اختصرتُه.

والثاني: أن العامل فيها فعلٌ محذوف، أي: يَثْوُون فيها خالدين، ويدلُّ على هذا الفعلِ المقدر «مثواكم» ويراد بمثواكم مكان الثواء. وهذا جواب عن قول الفارسي المعترض به على الزجاج. الثالث: قاله أبو البقاء أن العامل معنى الإِضافة، ومعنى الإِضافة لا يصلُح أن يكون عاملاً البتةَ فليس بشيء.

قوله: {إِلاَّ مَا شَآءَ الله} اختلفوا في المستثنى منه: فقال الجمهور: هو الجملة التي تليها وهي قوله {النار مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ} وسيأتي بيانه عن قرب. وقال أبو مسلم: «هو مستثنى من قوله» وبلغْنا أجَلَنا الذي أجَّلْتَ لنا «أي: إلا مَنْ أهلكته واخترمْتَه قبل الأجل الذي سَمَّيْته لكفرِه وضلاله.

وقد ردَّ الناس عنه هذا المذهبَ من حيث الصناعة ومن حيث المعنى: أمَّا الصناعة فَمِنْ وجهين أحدهما: أنه لو كان الأمر كذلك لكان التركيب إلا

<<  <  ج: ص:  >  >>