ليُوَفِّينَّهم» والتقدير: وإن كلاً إلا ليوفِّيَنَّ ليوفِّينَّهم. وفي هذا التقدير بُعْدٌ كبيرٌ أو امتناع؛ لأنَّ ما بعد «إلا» لا يعمل فيما قبلها. واستدلَّ أصحابُ هذا القول أعني مجيء «لَمَّا» بمعنى «إلا» بنص الخليل وسيبويه على ذلك، ونصره الزجاج، قال بعضهم:«وهي لغة هُذَيْل يقولون: سألتك باللَّه لمَّا فعلت أي: إلا فعلت» . وقد أنكر الفراء وأبو عبيد ورودَ «لمَّا» بمعنى إلا، قال: أبو عبيد: «أمَّا مَنْ شدَّد» لمَّا «بتأويل» إلا «فلم نجدْ هذا في كلامِ العرب، ومَنْ قال هذا لزمه أن يقولَ:» قام القوم لمَّا أخاك «يريد: إلا أخاك، وهذا غيرُ موجودٍ» .
وقال الفراء:«وأمَّا مَنْ جَعَلَ» لَمَّا «بمنزلة» إلا «فهو وجهٌ لا نعرفه، وقد قالت العربُ في اليمن:» باللَّه لمَّا قمت عنا «، و» إلا قمت عنا «، فأمَّا في الاستثناء فلم نَقُلْه في شعر ولا في غيره، ألا ترى أن ذلك لو جاز لسمعْتَ في الكلام: ذهب الناس لمَّا زيداً» .
فأبو عبيد أنكر مجيء «لمَّا» بمعنى «إلا» مطلقاً، والفراء جَوَّز ذلك في القسم خاصةً، وتبعه الفارسي في ذلك فإنه قال في تشديد «لمَّا» في هذه الآية: «لا يصلح أن تكون بمعنى» إلا «؛ لأن» لَمَّا «هذه لا تفارق القسم» وردَّ الناس قوله بما حكاه الخليل وسيبويه، وبأنها لغة هُذَيْل مطلقاً، وفيه نظرٌ، فإنهم لمَّا حَكَوا اللغة الهذيلية حَكَوْها في القسم كما تقدم مِنْ نحو:«نَشَدْتُك باللَّه لمَّا فعلت» و «أسألك باللَّه لمَّا فعلت» . وقال أبو علي أيضاً