مستشكلاً لتشديد «لمَّا» في هذه السورة على تقدير أن «لمَّا» بمعنى «إلا» لا تختص بالقسم ما معناه: أن تشديد «لمَّا» ضعيف سواء شددت «إن» أم خَفَّفْت، قال:«لأنه قد نُصِب بها» كلاً «، وإذا نُصب بالمخففة كانت بمنزلة المثقلة، وكما لا يَحْسُن:» إنَّ زيداً إلا منطلق «، لأن الإِيجابَ بعد نفي، ولم يتقدَّمْ هنا إلا إيجابٌ مؤكد، فلذا لا يَحْسُن: إن زيداً لَمَّا مُنْطلق» لأنه بمعناه، وإنما ساغ:«نَشَدْتُك اللَّهَ إلا فعلت ولمَّا فعلت» لأنَّ معناه الطلب، فكأنه قال: ما أطلب منك إلا فِعْلك، فحرفُ النفي مرادٌ مثل:{تَالله تَفْتَؤُاْ}[يوسف: ٨٥] ، ومَثَّل ذلك أيضاً بقولهم:«شَرٌ أهرُّ ذاناب» أي: ما أهرَّه إلا شرٌّ، قال:«وليس في الآية معنى النفي ولا الطلبِ. وقال الكسائي:» لا أعرف وجه التثقيل في لمَّا «. قال الفارسي:» ولم يُبْعِدْ فيما قال «. ورُوي عن الكسائي أيضاً أنه قال:» اللَّه عَزَّ وجَلَّ أعلمُ بهذه القراءة، لا أعرف لها وجهاً «.
الثامن: قال الزجاج:» قال بعضهم قولاً ولا يجوزُ غيرُه: «إنَّ» لمَّا «في معنى إلا، مثل {إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ}[الطارق: ٤] ثم أَتْبَع ذلك بكلام طويل مشكل حاصِلُه يَرْجِع إلى أن معنى» إنْ زيدٌ لمنطلق «: ما زيد إلا منطلق، فَأَجْرَيْتَ المشددة كذلك في هذا المعنى إذا كانت اللام في خبرها، وعملُها النصبَ في اسمها باقٍ بحاله مشددةً ومخففةً، والمعنى نفيٌ ب» إنْ «وإثباتٌ باللام التي بمعنى إلا، ولَمَّا بمعنى إلا» .
قلت: قد تقدَّم إنكارُ أبي علي على جوازِ «إلا» في مثلِ هذا التركيب فكيف يجوز «لمَّا» التي بمعناها؟
وأمَّا قراءةُ ابنِ عامر وحمزة وحفص ففيها وجوه، أحدها: أنها «إنَّ»