للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المشددةَ على حالها، فلذلك نُصب ما بعدها على أنه اسمُها، وأمَّا «لمَّا» فالكلامُ فيها كما تقدم مِنْ أنَّ الأصلَ «لَمِنْ ما» بالكسر أو «لَمَنْ ما» بالفتح، وجميعُ تلك الأوجهِ التي ذكرْتُها تعودُ ههنا. والقولُ بكونها بمعنى «إلا» مُشْكِلٌ كما تقدَّم تحريرُه عن أبي علي هنا.

الثاني: قال المازنيٌّ: «إنَّ» هي المخففة ثُقِّلَتْ، وهي نافيةٌ بمعنى «ما» كما خُفِّفَتْ «إنَّ» ومعناها المثقلة و «لَمَّا» بمعنى «إلا» . وهذا قولٌ ساقطٌ جداً لا اعتبارَ به، لأنه لم يُعْهَدْ تثقيلُ «إنْ» النافية، وأيضاً ف «كلاً» بعدها منصوبٌ، والنافيةُ لا/ تَنْصِبُ.

الوجه الثالث: أنَّ «لَمَّا» هنا هي الجازمة للمضارع حُذِف مجزومُها لفهم المعنى. قال الشيخ أبو عمرو ابن الحاجب في أماليه: «لمَّا» هذه هي الجازمةُ فحُذِف فِعْلُها للدلالةِ عليه، لِما ثبت من جواز حَذْفِ فِعْلِها في قولهم: «خَرَجْتُ ولمَّا» و «سافرتُ ولمَّا» وهو شائعٌ فصيح، ويكون المعنى: وإنَّ كلاً لمَّا يُهْمَلوا أو يُتْرَكوا لِما تقدَّم من الدلالةِ عليه مِنْ تفصيل المجموعين بقوله {فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} [هود: ١٠٥] ، ثم فَصَّل الأشقياءَ والسعداء، ومجازاتَهم، ثم بَيَّن ذلك بقولِه {لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ} ، قال: «وما أعرفُ وجهاً أشبهَ مِنْ هذا، وإن كانت النفوسُ تستبعده مِنْ جهةِ أن مثلَه لم يَرِدْ في القرآن» ، قال: «والتحقيقُ يأبى استعبادَه» . قلت: وقد نَصَّ النحويون على أن «لمَّا» يُحذف

<<  <  ج: ص:  >  >>