بمصدرٍ مرفوعٍ بالابتداء، و» مِنْ قبل «في موضعِ الخبرِ، وذَهِلا عن قاعدةٍ عربية وحُقَّ لهما أن يَذْهَلا وهو أن هذه الظروفَ التي هي غاياتُ إذا بُنِيَتْ لا تقع أخباراً للمبتدأ جَرَّتْ أو لم تجرَّ تقول:» يومُ السبت مباركٌ، والسفر بعده «، ولا تقول:» والسفر بعدُ، وعمرو وزيد خلفَه «، ولا يجوز:» زيد وعمرو خلفُ «وعلى ما ذكراه يكون» تفريطكم «مبتدأً، و» من قبل «خبر [وهو مبني] وذلك لا يجوز، وهو مقرر في علم العربية» .
قلت: قوله «وحُقَّ لهما أن يَذْهلا» تحاملٌ على هذين الرجلين المعروفِ موضعُهما من العلم. وأمَّا قولُه «إنَّ الظرف المقطوعَ لا يقع خبراً فمُسَلَّمٌ، قالوا لأنه لا يفيد، وما لا يفيد فلا يقع خبراً، ولذا لا يقع صلةً ولا صفةً ولا حالاً، لو قلت:» جاء الذي قبلُ «، أو» مررت برجل قبلُ «لم يجز لِما ذكرت. ولقائلٍ أن يقولَ: إنما امتنع ذلك لعدمِ الفائدة، وعدمُ الفائدة لعدمِ العلمِ بالمضاف إليه المحذوف، فينبغي إذا كان المضاف إليه معلوماً مَدْلولاً عليه أن يقع ذلك الظرفُ المضافُ إلى ذلك المحذوفِ خبراً وصفةً وصلةً وحالاً، والآيةُ الكريمة من هذا القبيل، أعني ممَّا عُلِم فيه المضافُ إليه كما مرَّ تقريره. ثم هذا الردُّ الذي رَدَّ به الشيخ سبقه إليه أبو البقاء فقال:» وهذا ضعيفٌ؛ لأنَّ «قبل» إذا وقعت خبراً أو صلة لا تُقْطع عن الإِضافة لئلا تبقى ناقصة «.
الثالث: أنَّها مصدريةٌ أيضاً في محلِّ رفع بالابتداء، والخبر هو قولُه:» في يوسف «، أي: وتفريطكم كائن أو مستقر في يوسف، وإلى هذا ذهب الفارسي، كأنه اسْتَشْعر أن الظرفَ المقطوعَ/ لا يقع خبراً فعدل إلى هذا،