للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفيه نظر؛ لأنَّ السياقَ والمعنى يجريان إلى تعلُّق» في يوسف «ب» فَرَّطْتُم «فالقولُ بما قاله الفارسي يؤدي إلى تهيئة العامل للعمل وقَطْعِه عنه.

الرابع: أنها مصدريةٌ أيضاً، ولكن محلَّها النصبُ على أنها منسوقةٌ على {أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ} ، أي: ألم تعلموا أَخْذَ أبيكم الميثاقَ وتفريطكَم في يوسف. قال الزمخشري: «كأنه قيل: ألم تعلموا أخْذَ أبيكم عليكم موثقاً وتفريطَكم مِنْ قبلُ في يوسف» . وإلى هذا ذهب ابن عطية أيضاً.

قال الشيخ: «وهذا الذي ذهبا إليه ليس بجيد، لأنَّ فيه الفصلَ بالجارِّ والمجرور بين حرف العطف الذي هو على حرفٍ واحد وبين المعطوف، فصار نظير:» ضربتُ زيداً وبسيفٍ عمراً «، وقد زعم أبو علي الفارسي أنه لا يجوز ذلك إلا في ضرورة الشعر» . قلت: «هذا الردُّ أيضاً سبقه إليه أبو البقاء ولم يَرْتَضِه وقال:» وقيل: هو ضعيف لأنَّ فيه الفصلَ بين حرف العطف والمعطوف، وقد بَيَّنَّا في سورة النساء أنَّ هذا ليس بشيء «. قلت: يعني أنَّ مَنْعَ الفصل بين حرف العطف والمعطوف ليس بشيء، وقد تقدَّم إيضاح ذلك وتقريرُه في سورة النساء كما أشار إليه أبو البقاء.

ثم قال الشيخ:» وأمَّا تقديرُ الزمخشري «وتفريطكم من قبل في يوسف» فلا يجوزُ لأنَّ فيه تقديمَ معمولِ المصدر المنحلِّ لحرفٍ مصدري والفعل عليه، وهو لا يجوز «. قلت: ليس في تقدير الزمخشري شيءٌ من ذلك؛ لأنه لَمَّا صَرَّح بالمقدَّر أخَّر الجارَّيْن والمجرورَيْن عن لفظِ المصدر المقدر

<<  <  ج: ص:  >  >>