كما ترى، وكذا هو في سائر النسخ، وكذا ما نقله الشيخ عنه بخطه، فأين تقديم المعمول على المصدر؟ ولو رَدَّ عليه وعلى ابن عطية بأنه يلزم مِنْ ذلك تقديمُ معمولِ الصلة على الموصول لكان رَدَّاً واضحاً، فإنَّ» من قبلُ «متعلقٌ بفَرَّطْتُم، وقد تقدم على» ما «المصدرية، وفيه خلافٌ مشهور.
الخامس: أن تكونَ مصدريةً أيضاً، ومحلُّها نصبٌ عطفاً على اسم» أنَّ «، أي: ألم تعلموا أنَّ أباكم وأنَّ تفريطكم من قبل في يوسف، وحينئذٍ يكون في خبر» أنَّ «هذه المقدرة وجهان، أحدهما وهو» من قبلُ «، والثاني هو» في يوسف «، واختاره أبو البقاء، وقد تقدَّم ما في كلٍ منهما. ويُرَدُّ على هذا الوجه الخامسِ بما رُدَّ به على ما قبله من الفصل بين حرف العطف والمعطوف وقد عُرِف ما فيه.
السادس: أن تكونَ موصولةً اسميةً، ومحلُّها الرفع أو النَصبُ على ما تقدَّم في المصدرية، قال الزمخشري:» بمعنى: ومِنْ قبل هذا ما فرَّطتموه، أي: قَدَّمتموه في حَقِّ يوسف من الجناية، ومحلُّها الرفع أو النصب على الوجهين «.
قلت: يعني بالوجهين رفعَها بالابتداء وخبرها «من قبل» ، ونصبَها عطفاً على مفعول «ألم تعلموا» ، فإنه لم يَذْكر في المصدرية غيرَهما. وقد عرْفْتَ ما اعتُرِض به عليهما وما قيل في جوابه. فتحصَّل في «ما» ثلاثة أوجه: الزيادةُ، وكونُها مصدريةً، أو بمعنى الذي، وأنَّ في محلِّها وجهين: الرفعَ أو النصبَ، وقد تقدم تفصيلُ ذلك كلِّه.
قوله:{فَلَنْ أَبْرَحَ الأرض}«بَرِحَ» هنا تامة ضُمِّنت معنى «أفارق» ف «الأرض» مفعولٌ به، ولا يجوز أن تكون تامةً من غيرِ تضمين، لأنها إذا