كانت كذلك كان معناها ظهر أو ذهب، ومنه «بَرِح الخَفاء» ، أي: ظهر أو ذهب ومعنى الظهور لا يليق، والذهابُ لا يَصِلُ إلى الظرف المخصوص إلا بواسطة «في» تقول: ذهبت في الأرض، ولا يجوز: ذهبت الأرض، وقد جاء شيءٌ لا يُقاس عليه. وقال أبو البقاء:«ويجوز أن يكونَ ظرفاً» . قلت: ويحتمل أن يكونَ سقط من النسخ لفظةُ «لا» ، وكان:«ولا يجوز أن تكون ظرفاً» .
واعلمْ أنه لا يجوز في «أبرح» هنا أن تكونَ ناقصة لأنه لا يَنْتَظِم من الضمير الذي فيها ومن «الأرض» مبتدأ أو خبر، ألا ترى أنك لو قلت:«أنا الأرض» لم يَجُزْ من غير «في» ؛ بخلاف «أنا في الأرض» و «زيد في الأرض» .
قوله:{أَوْ يَحْكُمَ الله} في نصبه وجهان، أحدهما: وهو/ الظاهر عَطْفُه على «يَأْذَن» . والثاني: أنه منصوبٌ بإضمار «أنْ» في جواب النفي وهو قوله «فلن أبرح» ، أي: لن أبرحَ الأرضَ إلا أَنْ يَحْكُم كقولهم: «لأَلْزَمَنَّكَ أو تقضيني حقي» ، أي: إلا أن تقضيني. قال الشيخ:«ومعناه ومعنى الغاية متقاربان» . قلت: وليس المعنى على الثاني، بل سياقُ المعنى على عطفِه على «يَأْذن» فإنه غيى الأمرَ بغايتين، أحدهما خاصة، وهي إِذْن اللَّه، والثانية عامة؛ لأن إذْنَ اللَّهِ له في الانصراف هو مِنْ حكم اللَّه.