٥٨٢ - وبالصَّريمةِ منهم منزلٌ خَلَقٌ ... عافٍ تَغَيَّر إلا النُّؤْيُ والوَتِدُ
والفرقُ بين الوصفِ بإلاَّ والوصفِ بغيرها أنَّ» إلا «تُوصف بها المعارفُ والنكراتُ والظاهرُ والمضمرُ، وقال بعضُهم:» لا توصَف بها إلا النكرةُ أو المعرَّفةُ بلام الجنس فإنه في قوة النكرة «. وقال المبرد:» شَرْطُه صلاحيةُ البَدَلِ في موضعه «، ولهذا موضعٌ نتكلَّم فيه. الثاني: أنه عطفُ بيان. قال ابن عصفور:» إنما يعني النحويون بالوصفِ بإلا عطفَ البيان «وفيه نظرٌ. الثالث: أنه مرفوعٌ بفعلٍ محذوف كأنه قال: امتنع قليل. الرابع: أن يكونَ مبتدأ وخبرُه محذوفٌ أي: إلا قليلٌ منكم لم يَتَوَلُّوا، كما قالوا: ما مررْتُ بأحدٍ إلا رجلٌ من بني تميم خيرٌ منه. الخامس: أنه توكيدٌ للمضمرِ المرفوع، ذكرَ هذه الثلاثة الأوجهَ أبو البقاء. قال:» وسيبويه وأصحابُه يُسَمُّونه نعتاً ووَصْفاً «يعني التوكيد. وفي هذه الأوجه التي ذَكَرها ما لا يَخْفى ولكنها قد قِيلت. السادس: أنه بدلٌ من الضميرِ في» تَوَلَّيْتُم «قال ابن عطية:» وجاز ذلك مع أنَّ الكلامَ لم يتقدَّمْ فيه نفيٌ، لأن «تَوَلَّيْتم» معناه النفيُ كأنه قال: لم تَفُوا بالميثاقِ إلا قليلٌ «وهذا الذي ذكره مِنْ جوازِ البدل منعه النحويون، لا يُجيزون:» قام القَومُ إلا زيدٌ «على البدل، قالوا: لأنَّ البدل يَحُلُّ مَحَلَّ المبدَلِ منه فَيَؤُولُ إلى قولِك: قامَ إلا زيدٌ، وهو ممتنعٌ، وأمَّا قولُه: إنه في تأويل النفي» فما مِنْ موجَبٍ إلا يمكن فيه ذلك، ألا تَرى أنَّ قولَك:«قام القومُ إلا زيدٌ» في قوة «لم يَجْلِسُوا إلا زيدٌ» فكلُّ موجَبٍ إذا أخَذْتَ نَفْيَ نقيضِه أو ضدِّه