غِلاف» ، ويكونُ أصلُ اللامِ الضمَّ فخُفِّفَ نحو: حِمار وحُمُر وكتاب وكُتُب، إلاَّ أنَّ تخفيفَ فُعُل إنما يكون في المفرد غالباً نحو عُنْق في عُنُق، وأمَّا فُعُل الجمع فقال ابن عطية:«لا يجوز تخفيفُه إلا في ضرورةٍ» ، وليس كذلك، بل هو قليل، وقد نصّ غيرُه على جوازه، وقرأ ابن عباس ويُروى عن أبي عمرو بضمِّ اللامِ وهو جمع «غِلاف» ، ولا يجوز أن يكون فُعُل في هذه القراءة جمعَ «أَغْلف» لأنَّ تثقيلَ فُعُل الصحيحِ العينِ لا يجوز إلاَّ في شِعْر، والمعنى على هذه القراءة أنَّ قلوبَنا أوعيةٌ للعلمِ فهي غيرُ محتاجةٍ إلى علمٍ آخر، والتغليفُ كالتغشِيَة في المعنى.
قوله:{بَل لَّعَنَهُمُ الله}«بل» حرفُ إضرابٍ، والإِضرابُ راجعٌ إلى ما تَضَمَّنه قولُهم من أن قلوبَهم غُلْف، فردَّ الله عليهم ذلك بأنَّ سببَه لَعْنُهم بكفرهم السابق. والإِضرابُ على قسمين: إبطالٍ وانتقالٍ، فالأول نحو: ما قام زيدٌ بل عمروٌ، ولا تَعْطِفُ «بل» إلا المفردات، وتكونُ في الإِيجاب والنفي والنهي، ويُزاد قبلها «لا» تأكيداً. واللَّعْنُ: الطَّرْدُ والبُعْدُ، ومنه: شَأْوٌ لعين أي بعيد: قال الشمَّاخ.
٦٠٧ - ذَعَرْتُ به القَطا ونَفَيْتُ عنه ... مقامَ الذئبِ كالرَّجُلِ اللَّعينِ
أي: البعيد، وكان وجهُ الكلام أن يقول:«مقام الذئب اللعين كالرجل» . والباءُ في «بكفرهم» للسببِ، وهي متعلِّقَةٌ بلَعَنَهُمْ. وقال الفارسي:«النية به التقديمُ أي: وقالوا: قُلوبنا غلفٌ بسببِ كفرهم، فتكونُ الباءُ متعلقةً بقالوا وتكونُ» بل لعنهم «جملةً معترضةً» ، وفيه بُعْدٌ، ويجوز أن تكونَ حالاً