من المفعولِ في «لَعَنهم» أي لعَنهم كافرين أي: مُلتبسين بالكفرِ كقوله: {وَقَدْ دَّخَلُواْ بالكفر}[المائدة: ٦١] .
قوله:{فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ} في نصبِ «قليلاً» ستةُ أوجهٍ، أحدُها وهو الأظهرُ: أنه نعتٌ لمصدرٍ محذوفٍ أي: فإيماناً قليلاً يُؤمنون. الثاني: أنه حالٌ من ضمير ذلك المصدرِ المحذوفِ أي: فيؤمنونه أي الإِيمانَ في حالِ قلَّته، وقد تقدَّم أنه مذهب سيبويه وتقدَّم تقريره. الثالث: أنه صفةٌ لزمان محذوفٍ، أي: فزماناً قليلاً يؤمنون، وهو كقوله:{آمِنُواْ بالذي أُنْزِلَ عَلَى الذين آمَنُواْ وَجْهَ النهار واكفروا آخِرَهُ}[آل عمران: ٧٢] . الرابع: أنه على إسقاطِ الخافض والأصل: فبقليل يؤمنون، فلمَّا حُذِفَ حرفُ الجرِّ انتصب، ويُعْزَى لأبي عبيدة.
الخامس: أن يكونَ حالاً من فاعل «يؤمنون» ، أي فَجَمْعاً قليلاً يؤمنون أي المؤمِنُ فيهم قليلٌ، قال معناه ابنُ عباس وقتادة. إلا أن المهدوي قال:«ذهب قتادة إلى أنَّ المعنى: فقليلٌ منهم مَنْ يؤمن، وأنكره النحويون، وقالوا: لو كانَ كذلك لَلَزِمَ رفعُ» قليل «. قلت: لا يلزمَ الرفعُ مع القول بالمعنى الذي ذهب إليه قتادة لِما تقدَّم من أنَّ نصبَه على الحالِ وافٍ بهذا المعنى: و» ما «على هذه الأقوالِ كلها مزيدةٌ للتأكيد. السادس: أن تكونَ» ما «نافيةً أي: فما يؤمنون قليلاً ولا كثيراً، ومثلُه:{قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ}[الأعراف: ١٠] ، {قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ}[الأعراف: ٣] ، وهذا قويٌ من جهة المعنى، وإنما يَضْعُفُ شيئاً من جهةٍ تقدُّم ما في حَيِّزها عليها، قاله أبو البقاء، وإليه ذهب ابن الأنباري، إلا أنَّ تقديمَ