للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

زيد. الثالث: نُمْضِها فلا نَنْسَخْها وهو قولُ أبي عبيد، وهو ضعيفٌ لقوله: نَأْتِ بخيرٍ منها، لأنَّ ما أُمْضِي وأُقِرَّ لا يُقال فيه: نَأْتِ بخير منه.

وأمَّا قراءةُ غيرِ الهَمْزِ على اختلافِ وجوهِها أيضاً ففيها احتمالان: أظهرُهما: أنها من النسيانِ، وحينئذٍ يُحْتَمَلُ أن يكونَ المرادُ به في بعض القراءاتِ ضدَّ الذِّكْرِ، وفي بعضِها التركَ. والثاني: أنَّ أصلَه الهمزُ من النَّسْء وهو التأخيرُ، إلا أنَّه أُبْدِلَ من الهمزةِ ألفٌ فحينئذٍ تتَّحِد القراءتان. ثم مَنْ قرأ مِنَ القُرَّاء:» نَنْسَاها «من الثلاثي فواضحٌ. وأمَّا مَنْ قرأ منهم مِنْ أَفْعَل، وهم نافع وابن عامر والكوفيون فمعناه عندهم: نُنْسِكَها، أي: نجعلُك ناسياً لها، أو يكونُ المعنى: نَأْمُرُ بتركها، يقال: أَنْسَيْتُهُ الشيءَ أي أَمَرْتُه بتركِه، ونَسِيْتُه تَرَكْتُه، وأنشدوا:

٦٧٢ - إنَّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها ... لستُ بِناسِيها ولا مُنْسِيها

أي: لا تاركها ولا آمراً بتركها، وقد تكلَّم الزجاج في هذه القراءةِ فقال:» هذه القراءةُ لا يَتَوَجَّهُ فيها معنى الترك، لا يُقال: أَنْسَى بمعنى ترك قال الفارسي وغيرُه: «ذلك مُتَّجِهٌ لأنه بمعنى نَجْعَلُكَ تَتْرُكها» وقد ضَعَّفَ الزجاج أيضاً أَنْ تُحْمَلَ الآيةُ على معنى النسيانِ ضدَّ الذكرِ، وقال: «إنَّ هذا لم يكُنْ له عليه السلام ولا نَسي قرآناً» ، واحتجَّ بقوله تعالى: {وَلَئِن شِئْنَا لَنَذْهَبَنَّ بالذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}

[الإسراء: ٨٦] أي لم نَفْعَل شيئاً من ذلك. وأجابَ الفارسي

<<  <  ج: ص:  >  >>