تقدَّم، وأن يكونُ خطاباً للكفارِ فيكونُ التقديرُ: كونوا أو اتَّبعوا او اقتدوا. وقرأ ابن هرمز وابن أبي عبلة «مِلَّةُ» رفعاً. وفيها وجهان: أحدُهما: خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، أي: بل ملتُنا ملةُ إبراهيمَ أو نحن ملةُ، أي أهلُ ملة.
والثاني: أنها مبتدأٌ حُذِفَ خبرُه، تقديرُه: مِلَّة إبراهيمَ ملَّتُنا.
قوله:{حَنِيفاً} في نصبهِ أربعةُ أقوالٍ، أحدُها: أنه حالٌ من «إبراهيم» لأنَّ الحالَ تجيءُ من المضافِ إليهِ قياساً في ثلاثةِ مواضعَ على ما ذَكَرَ بعضُهم، أحدها: أن يكونَ المضافُ عاملاً عملَ الفعلِ. الثاني: أنْ يكون جزءاً نحو: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَاناً}[الحجر: ٤٧] . الثالث: أن يكونَ كالجزءِ كهذه الآية؛ لأنَّ إبراهيمَ لمَّا لازمَها تنزَّلَتْ منه منزلةَ الجزءِ. والنحويون يسضعفون مجيئَها من المضاف إليه ولو كانَ المضافُ جزءاً، قالوا: لأنَّ الحالَ لا بدَّ لها من عاملٍ، والعاملُ في الحالِ هو العاملُ في صاحبها، والعاملُ في صاحبِها لا يعملُ عملَ الفعل. ومَنْ جَوَّز ذلك قَدَّر العاملَ فيها معنى اللام أو معنى الإِضافةِ، وهما عاملان في صاحِبها عند هذا القائل. ولم يذكر الزمخشري غيرَ هذا الوجهِ، وشبَّهه بقولك:«رأيتُ وجهَ هندٍ قائمةً» وهو قولُ الزجَّاج.
الثاني: نصبُه بإضمارِ فعلٍ أي: نتبعُ حنيفاً، وقدَّره أبو البقاء بأعني، وهو قولُ الأخفشِ الصغيرِ وجَعَلَ الحالَ خطأ.