الثالث: أنه منصوبٌ على القَطْع وهو رأيُ الكوفيين، وكان الأصلُ عندهم: إبراهيمَ الحنيفَ، فلمَّا نكَّره لم يُمْكِن إتْباعه، وقد تقدَّم تحريرُ ذلك.
الرابع - وهو المختارُ - أن يكونَ حالاً من «ملَّة» فالعاملُ فيه ما قَدَّرناه عاملاً فيها، وقد تقدَّم، وتكونُ حالاً لازمةً لأنَّ الملَّةَ لا تتغيَّر عن هذا الوصفِ، وكذلك على القولِ بِجَعْلِها حالاً من «إبراهيم» لأنَّه لم يَنْتقِلْ عنها، فإنْ قيل: صاحبُ الحالِ مؤنثٌ فكان ينبغي أَنْ يطابقَه في التأنيثِ فيقال: حنيفةً، فالجوابُ من وجهين، أحدُهما: أنَّ فَعيلاً يستوي فيه المذكرُ والمؤنُث. والثاني: أن الملَّة بمعنى الدِّين، ولذلك أُبْدِلَتْ منه في قوله:{دِيناً قِيَماً مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً}[الأنعام: ١٦١] ذكر ذلك ابنُ الشجري في «أماليه» .
والحَنَفُ: المَيْلُ ومنه/ سُمِّي الأحْنَفُ لِمَيْلِ إحدى قَدَمَيْهِ بالأصابعِ إلى الأخرى قالَتْ أمُّه:
٧٤٢ - واللَّهِ لولا حَنَفٌ برِجْلِه ... ما كانَ في فِتْيانكم مِنْ مثلهِ
ويقال: رَجُلٌ أَحْنَفُ وامرأة حَنْفَاءُ، وقيل: هو الاستقامةُ، وسُمِّي المائلُ الرجلِ بذلك تفاؤلاً كقولِهم لِلديغ:«سليمٌ» ، وللمَهْلَكَة:«مفازة» قاله ابن قتيبة، وقيل: الحَنيفُ لَقَبٌ لمن تَدّيَّن بالإِسلام، قال عمرو: