والثاني: أن المعنى؛ طيبها لهم بضروب الملاذ من (العرف) والعرف: الرائحة الطيبة التي تتقبلها النفس تقبل ما تعرفه ولا تنكره.
وقيل: طبقات الجنة أربع: طبقة نعيم وهي أعلاها، وهي طبقة النبيين. ثم طبقة نعيم للمؤمنين المجازين بأعمالهم، ثم طبقة نعيم للمعوضين من غيرهم، ثم طبقة نعيم للمفتدين بالتفضل عليهم. وللطبقات تفاوت، والمراتب لا تتفاوت، كما قال تعالى:{لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ}[الحديد: ١٠] ، وقال:{أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى}[الحديد: ١٠] .
والجواب: أن موضعها رفع، والتقدير: فأنى لهم ذكراهم إذا جاءتهم الساعة.
وأنى: بمعنى: (من أين لهم) ومثل: {فَأَنَّى لَهُمْ إِذَا جَاءَتْهُمْ ذِكْرَاهُمْ} قوله تعالى: {يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى} ، أي ليس ينفعه ذكره ولا ندامته.
يسأل عن معنى قوله تعالى:{طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ} ، وبم ارتفع؟ وفيه وجهان:
أحدهما: أن يكون المعنى: قولوا أمرنا طاعة وقول معروف، قال مجاهد: أمر الله تعالى بذلك المنافقين، وقال غيره: هو حكاية عنهم يقولون: طاعة وقول معروف قبل فرض الجهاد؛ لأن نقيضه قوله:{فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ}[محمد: ٢١] .
والثاني: أن المعنى طاعة وقول معروف أمثل، وأليق من أحوال هؤلاء المنافقين.