للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والاستمتاع بأصناف الرياحين وما في الأشجار من الثمار الشهية، وصنوف الفواكه اللذيذة، فلا شيء أدعى إلى الخضوع والعبادة لمن أنعم بهذه النعمة الجليلة مما فيه مثل الذي ذكرنا في النجم والشجر.

* * *

قوله تعالى: {سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلَانِ (٣١) فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٣١-٣٢] .

يسأل عن معنى: {سَنَفْرُغُ} ؟

والجواب: أن معناه: سنعمل عمل من يتفرغ للعمل لتجويده من غير تصحيح فيه، وهذا من أبلغ الوعيد وأشده؛ لأنه يقتضي أن يجازى العبد بجميع ذنوبه، وليس من الفراغ الذي هو نقيض المشتغل؛ لأن الله تعالى لا يشغله شيء عن شيء.

والثقلان: الإنس والجن، سميا بذلك لعظم شأنهما إلى ما في الأرض من غيرهما، فهو أثقل وزناً لعظم الشأن بالعقل والتمكين والتكيف لأداء الواجب في الحقوق.

ومما يسأل عنه أن يقال: لم كرر في هذه السورة {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} في عدة مواضع؟

والجواب: أنه ذكر آلاء كثيرة، فكرر التقرير، ليكون كل تقدير لنعمة، والعرب تكرر مثل هذه الأشياء للتوكيد، نحو قولك: اعجل اعجل، وتقول للرامي ارم ارم، قال الشاعر:

كم نعمة كانت لكم كم كم وكم

وقال آخر:

هلا سألت جموع كندة يوم ولوا أين أينا؟

وقال الفرزدق:

<<  <   >  >>