للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

جاء في التفسير: أن أعراباً جفاة جاءوا، فجعلوا ينادون من وراء الحجرات: يا محمد، أخرج إلينا، وهو قول قتادة ومجاهد وكانوا من بني تميم.

قال الفراء: أتاه وفد بني تميم، وهو نائم في الظهيرة، فجعلوا ينادون: أخرج إلينا يا محمد، فاستيقظ، فخرج إليهم، ونزل: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ} ، ثم أذن لهم بعد ذلك، وقام شاعرهم وشاعر المسلمين وخطيبهم وخطيب المسلمين فعلت أصواتهم بالتفاخر، فنزلت: {لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: ٢] .

وقيل: نزلت في قوم كانوا يسبقون النبي - صلى الله عليه وسلم - بالقول إذا سئل عن شيء.

والحجرات: جمع حجرة، وفيها ثلاث لغات: حُجُرات - بضمتين - وحُجَرات - بفتح الجيم - وحُجْرات - بإسكانها، والأولى أفصح.

قال الشاعر:

أما كان عباد كفيا لدارم بلى ولأبيات بها الحجرات

* * *

قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحجرات: ٧] .

يسأل عن قوله: {لَوْ يُطِيعُكُمْ} في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -؟

والجواب: أنه على طريق المجار؛ لأن حقيقة الطاعة: موافقة الداعي الأجل فيما دعا إليه من الأدون، ولا يجوز أن يقال: إن الله تعالى يطيع العبد، كما لا يجوز أن يقال: إن العبد أمر ربه ونهاه، ولكن دعاه فأجابه، فكان الطاعة هاهنا: الإجابة لما سألوا منه.

والعنت: المعاندة.

<<  <   >  >>