للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

و (رأى) هاهنا بمعنى: علم؛ لأنه لا يقال: زيد رآه، ومن رؤية العين، وإنما يقال: زيد رأى نفسه، ولكن من رؤية القلب يجوز، نحو: زيد رآه عالماً، ورآه استغنى، وكذا الأفعال المؤثرة، ولا يجوز أن يعمل في ضمائر ما يكون خبراً عنه، فأما قولهم: عدمتني وفقدتني، فلأنه جرى على المجاز، ألا ترى أنه لا يصح أن يعدم نفسه ولا يفقدها، وإنما يعدمه غيره.

* * *

قوله تعالى: {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (١٦) فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ} [العلق: ١٥-١٨] .

السفع: أصله من سفعته النار إذا غيرته عن حاله.

والناصية: شعر مقدم الرأس، وهو من ناصى يتاصي مناصاة إذا وصل.

والنادى: المجلس، يقال: نادي وندي، والجمع: أندية، قال سلامة بن جندل:

يومان يوم مقامات وأندية ويوم سير إلى الأعداء تاوب

والزبانية: الأعوان واحدها: زبنية، هذا قول أبي عبيدة، وقال الكسائي: زنبي، وقيل: هو جمع لا واحد له، واشتقاق الزبانية من الزبن: وهو الدفع، ومنه يقال: حرب زبون، قال الشاعر:

فوارس لا يملون المنايا إذا دارت رحا الحرب الزبون

والزبانية هاهنا: الملائكة، هذا قول ابن عباس وقتادة ومجاهد والضحاك.

و (النون) في {لَنَسْفَعًا} : نون التوكيد الخفيفة، والاختيار عن البصريين أن تكتب بالألف؛ لأن الوقف عليها بالألف، واختار الكوفيون: أن تكتب بالنون؛ لأنها نون في الحقيقة.

<<  <   >  >>