للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والجواب أن العلماء اختلفوا في ذلك:

فذهب قوم إلى أنه لم يكن من الملائكة، وجعل الاستثناء هاهنا منقطعاً، كقوله: {مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ} [النساء: ١٥٧] .

وأنشد سيبوية:

والحرب لا يبقى لجا حمها التخيل والمراح

إلا الفتى الصبار في النجـ دات والفرس الوقاح

واحتج على صحة هذا القول بقوله تعالى: {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [التحريم: ٦] فنفى المعصية عنهم نفياً عاماً، واحتج أيضاً بقوله تعالى: {إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ} ، ومتى أطلق لفظ (الجنّ) لم يجز أن يعنى به إلا الجنس المعروف، واحتج أيضاً بأن إبليس له نسل وذرية، قال الحسن: إبليس أبُ الجن، كما أن آدم أبُ الأنس.

واحتج أيضاً بأن إبليس مخلوق من النَّار، والملائكو روحانيون خُلقوا من الريح، وقال الحسن: خُلقوا من النور لا يتناسلون ولا يأكلون ولا يشربون، وقال الله تعالى في إبليس وولده: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ} [الكهف: ٥٠] واحتج أيضا بقوله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا} [فاطر: ١] ، فعمها بالوصف بالرسالة، ولا يجوز على رسل الله أن تكفر، ولا أن تفسق، كما لا يجوز على رسله من البشر من قبل أنهم حجة الله على خلقه فالملائكة [١١/ط] بهذه المنزلة، ولو جاز عليهم الفسق لجاز عليهم الكذب، فكأن يكون لا سبيل إلى الفرق بين الصدق والكذب فيما أخبروا به عن الله.

<<  <   >  >>