للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى: سَفَّهَ نفسَهُ. وقال يونس: أراها لغة. قال الزجاج: ذهب يونس إلى أن فَعِلَ للمبالغة، كما أن فَعُلَ كذلك. قال: ويجوز على هذا سَفِهْتُ زيداً بمعنى سَفَهْتُ. وقال أبو عبيدة: معناه: أهلك نفسهُ، وأوبق نفسهُ.

قال ابن زيد: إلا من أخطا حظه، فهذا كله وجه واحد في التأويل.

وقال آخرون: هو على التفسير، كقوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: ٤] وهو قول الفراء، قال: العرب توقع سفه على نفسه وهي معرفة، وكذا: {بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: ٥٨] . أنكر هذا الزجاج، وقال: معنى التمييز لا يحتمل التعريف؛ لأن التمييز إنما هو واحد يدل على جنسه، فإذا عرفته صار مقصوداً، وقيل: هو تمييز على تقدير الانفصال، كما تقول: مررت برجل مثله، أي: مثل له. وقيل: هو على حذف حرف الجر، كما قال تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ} [البقرة: ٢٣٥] ، أي: على عقدة النكاح. قال الشاعر:

نغالي اللحم للأضياف نياً ونبذله إذا نضج القدور

كأنه قال: نغالي باللحم. قال الزجاج: وهذا مذهب صحيح، والاختيار عنده أن يكون سفه في معنى جهل، وهو موافق لما قال ابن السراج في: {ببَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا} [القصص: ٥٨] لأن البطر مستقل للنعمة، غير راض بها.

ويقال: لم قال: {وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ} [البقرة: ١٣٠] فحص الآخرة بالذكر وهو في الدنيا كذلك؟

<<  <   >  >>