ويقال: ما معنى: {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} ؟
والجواب: أنهم يحتجون به على باطلهم.
فإن قيل: ففيمن نزلت؟
والجواب: نزلت في وفد نجران لما حاجوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في عيسى بن مريم - عليه السلام - فقالوا أليس هو كلمة الله وروحاً منه، فقال: بلى، وقالوا: حسبنا، فأنزل الله تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ}[آل عمران: ٧] ثم أنزل: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ}[آل عمران: ٥٩] .
وقيل: بل كل من احتج بالمتشابه لباطله، فالآية فيه عامة - كالحرورية والسبئية، وهو قول قتادة.
ومما يسأل عنه الملحدون هذه الآية، وذلك أنهم يقولون: لم أنزل في القرآن المتشابه والغرض به هداية الخلق؟
والجواب: أنه أنزل للاستدعاء إلى النظر الذي يوجب العلم دون الاتكال على الخبر من غير نظر، وذلك أنه لو لم يعلم بالنظر أن جميع ما أتى به النبي - عليه السلام - حق لجوز أن يكون الخبر كذباً وبطل دلالة السمع.
فصل:
ومما يسأل عنه أن يقال: ففي أي شيء يقع المتشابه؟
قيل: في أمور الدين، كالتوحيد ونفي التشبيه، الآ ترى أن قوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ}[الأعراف: ٥٤] يحتمل في اللغة أن يكون كاستواء الجالس على سريره، ويحتمل أن يكون بمعنى القهر والاستيلاء، كما قال الشاعر: