أول من قال ذلك عامر بن الظرِب العدواني. وكان من حديثه أنه كان يدفع الناس في الحج، فرآه ملك من ملوك غسان. فقال: لا أترك هذا العدواني حتى أُذله. فلما رجع ذلك الملك إلى منزله أرسل إليه.: أُحبُّ أن تزورني فأحبوك وأُكرمك وأتخذك خليلاً. فأتاه قومه. فقالوا: تفِدُ ويَفِدُ معك قومك فيصيبون في جنبكَ ويتَّجِهون بجاهِك. فخرج وأخرج معه نفراً من قومه. فلما قدم بلاد الملك أكرمه وأكرم قومه. ثم انكشف له رأيُ الملك، فجمع أصحابه، وقال: الرأي نائمٌ والهوى يقظان. ومن أجل ذلك يغلِبُ الهوى الرأي. عجِلتُ حين عَجِلتُم، ولن أعود بعدها. إنا قد تورَّطنا بلاد هذا الملك فلا تسبقوني برَيْثِ أمرً أقيم عليه، ولا بعَجلة رأيٍ أخفُّ معه. فإن رأيي لكم. فقال قومه: قد أكرمنا كما ترى، وبعد هذا ما هو خيرٌ منه. فقال: لا تعجلوا فإن لكل عامٍ طعاماً، ورب أكلةٍ تمنع أكلات. فمكثوا أياماً. ثم أرسل إليه الملك فتحدث معه. قم قال الملك: إني قد رأيتُ أن أجعلك الناظر في أمور قومي. فقال له: إني لي كنز علمٍ لستُ أعلم إلا به تركته في الحيّ مدفوناً، وإنَّ قومي أضنَّاءُ بي. فاكتب لي سجلاً بجباية الطريق فيرى قومي طَمَعاً تطيبُ به أنفسهم، فأستخرج كنزي وأرجع إليك وافراً. فكتب له بما سأل. وجاء إلى أصحابه فقال: ارْتَحِلوا. حتى إذا أدبروا قالوا: