حتى تدفعهم إليه فيقتلهم ثم لا تشرف بعدها أبداً، فإن خفت ذلك فاذهب بهم إلى قومهم فلما ثقل سبيع جعل حذيفة يبكي ويقول: واسيداه هلك سيدنا. فلما مات سبيع أطاف حذيفة بمالك وأعظمه، ثم قال: أنا خالك واسنُّ منك فادفع إلى هؤلاء الصبيان يكونون عندي إلى أن تنظر في أمرنا، فإنه يقبح بك أن تملك على شيئاً. ولم يزل به حتى دفعهم إليه. فلما صارا عنده أتى بهم اليعمرية، وهي ماء بوادٍ من بطن نخل، وأحضر أهل الدين قتلوا، فجعل يبرز كل غلام منهم فينصبه غرضاً ويقول له: ناد أباك، فينادى أباه وهو يخرقه بالنبل، فإن مات من يومه وإلا تركة إلى الغد، ثم فعل به مثل ذلك حتى يموت. فلما بلغ ذلك بني عبسٍ أتوهم باليعمرية، فقتلت بنو عبسٍ من بني ذبيان اثني عشر رجلاً، منهم مالك ويزيد ابنا سبيع وعركي بن عميرة. وقال: عنترة في قتل عركي:
سائلْ حذيفة حين أرَّشَ بيننَا ... حرباً ذوائبها بموتٍ تخفقُ
ثم إنهم تجمعوا فالتقوا إلى جنب الهباءة في يوم قائط، فاقتتلوا من بُكرة حتى انتصف النهار، وحجز الحر بينهم، وكان حذيفة تحرق الخيل فخذيه، وكان ذا خفض. فلما تحاجزوا أقبل حذيفة ومن كان معه إلى جفر الهباءة ليتبردوا فيه. فال قيس لأصحابه: إن حذيفة رجل تحرق الخيل باديه، وإنه مستنقع الآن في جفر الهباءة وإخوته، فانهضوا فاتبعوهم. فنهضوا فأتوهم. ونظر حصن بن حذيفة إلى الخيل، ويقال عيينة بن حصن، فبعل وانحدر في الجفر، وانحدر في الجفر. فقال حمل بن بدر: من أبغض الناس إليكم أن