مفروق بن عمرو، وهانئ بن قبيصة، والمثنى بن حارثة، والنعمان بن شريك. وكان مفروق بن عمروٍ بارعاً جمالاً ولساناً. وكانت له غديرتان، وكان أقرب القوم إلى أبي بكر مجلساً. فقال له أبو بكر: كيف العدد فيكم؟ قال: إنا لنزيد على ألف، ولن تغلب ألف من قلة. قال: كيف المنعة فيكم؟ قال: علينا الجهد ولكل قوم جد. قال: وكيف الحرب فيما بينكم وبين عدوكم؟ قال: إنا أشد ما نكون لقاءً حين نغضب، وأشد ما نكون غضباً حين نلقى، وإنا لنؤثر جيادنا على أولادنا، والسلاح على اللقاح، والنصر من عند الله جل وعز، بديل لنا وبديل علينا. لعلك: أخو قريش. قال: إن كان بلغكم أنه رسول الله فهاهو هذا. قال: قد بلغنا أنه يقول ذاك. فإلى مَ تدعو يا أخا قريش؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله أرسلني إلى خلقه. وإني أدعوكم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، وأن تؤوني وتنصروني، فإن قريشاً ظاهرت عن أمر الله وكذبت أيضاً؟ فتلا (قلْ تعالوا أتلُ ما حرمَ ربكُمْ عليكمْ ألا تشرِكوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً، ولا تقتلوا أولادكم من إملاقٍ نحن نرزقكم وإياهم، ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق، ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون) .
قال: وإلى ما تدعو أيضاً؟ فتلا عليهم (إن الله يأمرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاءِ والمنكرِ والبغي يعظكُم لعلكُم تذكرونَ) .
فقال مفروق بن عمروٍ: دعوت والله إلى مكارم الأخلاق ومحاسن الأعمال. ولقد أفك قوم ظاهروا عليك وكذبوك. وكأنه أحب أن يشركه في الكلام هانئ بن قبيصة، وهذا هانئ بن قبيصة شيخنا وصاحب ديننا، فتكلم