أيُوعدُني الخُنيفسُ من بعيدٍ ... ولما ينقطع منهُ الوتينُ
لهوتُ بجارتيهِ وحادَ عنِّي ... ويزعُم أنه أنِفٌ شفونُ
فسدد إليه الخنيفس رمحه، فقال له أبيدة: أذكرك خشرم. قال: وحرمة خشرم لأقتلنك. قال: فأمهلني حتى أستلئم. قال: أو يستلئم الحاسر؟! فقتله وقال:
أيابنَ المقشعرِّ لقيتَ ليثاً ... لهُ في جوف أيكتِه عرينُ
تقول صددتُ عنك خناً وجُبْناً ... وإنك ماجدٌ بطل متينُ
وإنك قد لهوتَ بجارتينا ... فهاكَ أبيدَ لاقاكَ القرينُ
ستعلَم أينَا أحمَى ذماراً ... إذا قصرُت شمالُك واليمينُ
لهوتَ بها فقد بدلتَ قبراً ... ونائحةً عليكَ لها رنينُ
فلما بلغ نعيه أخاه عاصماً لبس أطماراً له، وركب فرسه، وتقلد سيفه. وذلك في آخر يوم من جمادى الآخرة وبادر قتله قبل دخول رجب، لأنهم كانوا لا يقتلون في رجبٍ أحداً. فانطلق حتى وقف بفناء خباء الخنيفس فنادى: يا ابن خشرم أغِثِ المُرهق وطالما أغثتَ. فقال: ما ذاك؟ قال: رجل من بني ضبة غصب أخي امرأته وشد عليه فقتله وقد عجزت عنه. فأخذ الخنيفس رمحه وخرج معه حتى انطلقا إلى موضعٍ بعد فيه عن قومه. فلما علم عاصم أنه قد بعد دنا منه حتى قاربه، ثم قنَّعه بالسيف فأطار رأسه، وقال: العجب كل العجب بين جمادى ورجب. فأرسلها مثلاً. ورجع إلى قومه.