للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي هذا المعنى يقول بعضهم:

تفيض النفوس بأوصابها ... وتكتم عوادها ما بها

وما أنصفت مهجة تشتكي ... هواها إِلَى غير أحبابها

قال يحيى بن معاذ: لو أحببت ربك ثم جوعك وأعراك، لكان يجب أن تحتمله وتكتمه عن الخلق، فقد يحتمل الحبيب لحبيبه الأذى فكيف وأنت تشكوه فيما لم يصنعه بك؟:

ويقبح من سواك الفعل عندي ... وتفعله فيحسن منك ذاكا

كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه يشدون عَلَى بطونهم الحجارة من الجوع (١).

أن أُويس يلتقط الكسر من المزابل، والكلابُ تزاحمه، فنبح عليه كلب يومًا فَقَالَ: يا كلب، لا تؤذ من لا يؤذيك، كل مما يليك وآكل ما يليني، فإن دخلت الجنة فأنا خير منك، وإن دخلت النار فأنت خير مني.

وكان إبراهيم بن أدهم يلتقط السنبل مع المساكين، فرأى منهم كراهة لمزاحمته، فَقَالَ: أنا تركت ملك بلخ أفأزاحم المساكين عَلَى لقط السنبل؟ فكان بعد ذلك لا يلتقط إلا مع الدواب التي ترعى فيه.

وكان الإمام أحمد يلتقط السنبل مع المساكين أيضاً.

وآجر سفيان الثوري نفسه من جمالين في طريق مكة، فطبخ لهم طعامًا فأفسده. فضربوه.

وكان فتح الموصلي يوقد النار للناس بالأجرة:

من أجلك قد تركت خدي أرضا ... للشامت والحسود حتى ترضى

مولاي إِلَى متى بهذا أحظى ... عمر يفنى وحاجتي ما تقضى


(١) أخرجه البخاري (٦٤٥٢).