فأَخِذْت، فأتي بي إِلَيْهِ فَقَالَ لي: والله لطالما سألت الله أن يمكنني منك. فقلت: وأنا والله طالما استعذت بالله من شرك، فَقَالَ: والله ما أعاذك، والله لأقتلنك، ثم والله لأقتلنك، ثم والله لأقتلنك، لو سابقني ملك الموت إِلَى قبض روحك لسبقته، عَلَيَّ بالسيف والنطع!! قال: فجيء بالنّطع فأقعدت فيه وكُتّفت، وقام قائم عَلَى رأسي بسيف مشهورٍ، وأقيمت الصلاة، فخرج إِلَى الصلاة فلما سجد أخذته سيوف الجند، فقتل: فجاءني رجل فقطع كتافي بسيفه وقال لي: انطلق.
وبإسناده عن عمرو السرايا وكان يغزو في بلاد الروم وحده فبينما هو نائم ذات يوم إذ ورد عليه علجٌ منهم فحرَّكه برجله، فانتبه فَقَالَ: يا عربي، اختر إن شئت مطاعنة، وإن شئت مسايفة، وإن شئت مصارعة! فقلت: أما المطاعنة والمسايفة فلا بقاء لهما ولكن المصارعة، فنزل فصرعني وجلس عَلَى صدري وقال: أيَّ قتلة أقتلك؟ فرفعت رأسي وقلت: أشهد أن كل معبود ما دون عرشك إِلَى قرار الأرضين باطل غير وجهك الكريم، قد ترى ما أنا فيه ففرج عني! قال: فأغمى عَلَيَّ، فأفقت فإذا الرومي قتيل إِلَى جنبي.
وروى أبو الحسن بن الجهضم بإسناده عن حاتم الأصم قال: لقينا الترك فكان بيننا جولة فرماني تركي فقلبني عن فرسي، ونزل فقعد عَلَى صدري وأخذ بلحيتي وأخرج من خفه سكينًا ليذبحني، فما كان قلبي عنده ولا عند سكينه، وإنَّما كان عند سيدي، فقلت: سيدي، إن قضيت علي أن يذبحني هذا فعلى الرأس والعين؛ إِنَّمَا أنا لك وملكك! فبينما أنا عَلَى هذه الحال إذ رماه بعض المسلمين بسهم فما أخطأ حلقه فسقط عني فقمت أنا إِلَيْهِ وأخذت السكين من يده فذبحته بها، فما هو إلا أن تكون قلوبكم عند السيد حتى تروا من عجائب لطفه ما لم تروا من الآباء والأمهات.
وهذا باب يطول ذكره جدًّا فليقتصر عَلَى ما ذكرناه ففيه كفاية.